حكاية الأقاليم الستة

2017-10-18 14:20

 

تمضي الأيام سريعاً، آخذة معها أحداثها، بحلوها ومرها، وتبقى للبشر ذاكرة جيدة، يستطيعون من خلالها استحضار الكثير من التفاصيل كشواهد حية على المواقف والطريقة التي صنعت بها تلك الأحداث ذات التأثير على حياتهم، لا بوصفها حكاية من الماضي، بقدر ارتباطها بتداعيات الغد.

 

قرار تقسيم اليمن إلى أقاليم 6 واحد من أكثر القرارات إشكالية.. والواقع الجديد الذي أنتجته حرب (الحوثيفاشية) يجعل الحديث عنه حالة عبثية تجعل أصحابه في مواجهة مباشرة مع تطلعات الناس وطموحاتهم.

 

القرار نخبوي كغيره من القرارات التي لا تأخذ في اعتبارها الإرادة الشعبية. غالباً ما يكون الفشل حليفا حميما لمثل هكذا قرارات، تبنى على رغبة نخبوية محكومة بالتجاذبات السياسية متجاهلة واقع الناس ومعاناتها.

 

المتتبع لمسيرة خروج قرار تقسيم اليمن لـ6 أقاليم، سيكتشف حقيقة إقراره خارج قاعات مؤتمر الحوار الوطني وبعد اختتام أعماله، تلبية لرغبة قوى جهزت له سلفاً.

 

كانت البداية من وثيقة “الحلول والضمانات للقضية الجنوبية”، وبالذات البند المتعلق بتحديد الأقاليم، الذي ظل محل خلاف بصيغته الواردة في الوثيقة، إذ انه يعطي لرئيس الجمهورية، رئيس مؤتمر الحوار وحده الحق في تشكيل لجنة لتحديد الأقاليم ويكون قرارها نافذاً.

 

وقتها أبدى ممثلو مكونات “الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وأنصار الله وممثل شباب الثورة” في فريق القضية الجنوبية اعتراضهم عن الصيغة التي ورد بها النص المذكور لما يمثله من سلب لصلاحيات مؤتمر الحوار، ووضعوا توقيعاتهم معلقة على شرط القيام بتصحيح إجرائي يعيد المهمة لمؤتمر الحوار وينتصر للائحته التنفيذية. يتضمن هذا التصحيح إعطاء الحق لمؤتمر الحوار الوطني وحده في تشكيل لجنة تحديد الأقاليم، تقتصر مهمتها على النظر في مشروع الأقاليم المتعددة، أربعة في الشمال واثنين في الجنوب، ومشروع الإقليمين “شمال وجنوب”، أو أي خيار ما بين هذين المشروعين يحقق التوافق، وتتخذ قرارها وفق آليات اتخاذ القرار المعمول بها داخله، وتقتصر مهمة رئيس الجمهورية على إصدار قرار جمهوري باللجنة التي يختارها مؤتمر الحوار باعتباره رئيساً له.

 

جاء يوم 21 يناير 2014 لتمضي الأمور كما خطط لها أصحاب مشروع الـ6، في جلسة عامة منقولة فضائياً، طلبوا من الأعضاء التصويت على الوثيقة بما تحمله من تفويض يصادر الإرادة الجمعية للأعضاء، التصويت وقوفاً وسط حالة من الفوضى والاعتراضات ومصادرة حق الأعضاء في التعبير عن رأيهم، ليعلنوا فوزها بالإجماع في طريقة مبتكرة لحساب الأصوات.

 

تتوالى الأحداث تباعاً في صورة دراماتيكية تكشف حقيقة الأمور، فبعد 6 أيام من التصويت المهزلة، صدر قرار جمهوري رقم 2 لسنة 2014 بتشكيل لجنة تحديد الأقاليم برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية 21 عضواً، 90 % منهم من المتشيعين لخيار الأقاليم الستة، وبعد أسبوعين جاءت النتيجة كما خططوا وعملوا لها.

*- الأيام