الحرب وتغيير الأهداف

2017-11-01 04:59

 

◀ الخطاب السياسي الإعلامي للدول لايعبر بالضرورة عن اهداف سياستها ، خاصة في الحروب فالحرب خدعة ، لكن بعض التحليل يجزم بثبات مواقف البيانات السياسية / الاعلامية ويحلل النتائج انطلاقا من تلك المواقف الظاهرة، ومنها "موقف تأكيد دول التحالف على تأييد امن واسقرار ووحدة اليمن".

 

 ◀ لا يتطابق الموقف السياسي الذي تعطيه الدول للإعلام من باب الخطاب السياسي المعلن مع اجراءاتها العملية لتحقيق اهدافها على الأرض

فمتى تطابق التصريح السياسي الإعلامي العربي أو غير العربي مع المواقف والأهداف العملية في أي قضية ؟

 وكنموذج  الموقف الخليجي من حرب عام 1994م مازال ماثلا " لايمكن فرض الوحدة بالقوة " ورغم ذلك استمرت صنعاء في حربها وتغيرت المواقف!!

 

◀ المشروع الفاشل هو أي مشروع ينتج حربا ، وهما في حالتنا : المشروع الوحدوي ، ومشروع الأقاليم كلاهما انتجا حرب ورغم ذلك نجد إصرارا منقطع النضير من مروجيهما ومحلليها بنجاحهما وان الخيارات سواهما عدمية وان لا خيار غيرهما، في استحمار للعقول التي تصدق ترويج تحليلات كهذه.

 

◀  ولزيادة الاقناع بالترقيع التحليلي يقحمون كردستان وكاتالونيا باعتبارهما نموذجين تماثل ظروفهما قضية استقلال الجنوب ، على رهان الجاهليين "غلبت الروم في أدنى الارض"، مع ان ثورة الاستقلال في الجنوب ليست كالمثالين، فاستقلال الجنوب هو تصحيح لفشل الوحدة لان الازمة والحروب ليست في استقلال الجنوب ككردستان أو كاتالونيا  بل في فشل الوحدة فشل تعرفه دول العالم وان لم تعلن عنه ، ويعلمه أي  محلل إلا من له هوى ترقيع وحدوي ، حتى ان الحوثي فيما صرح به بن مبارك عن لقاء جمعهم به وبن عمر قال بصريح العبارة عن  "تعز انها حقهم التاريخي اما الجنوب فسيقاتل فيه الى اخر جندي"، لانه يدرك انه في حالة الجنوب لم يفشل الاستقلال  في عامه الأول كحالة جنوب السودان مثلا بل فشلت في عامها الأول الوحدة. إذن فاستقلال الجنوب هو حل لفشل الوحدة وليس العكس .

 

◀ يخلط المحلل الوحدوي بين فشل الدولة الاشتراكية في الجنوب التي انهارت كسائر المنظومة الاشتراكية ، تلك المنظومة التي استعادة دولها الحياة بعد زوال الاشتراكية فيها الا الجنوب فانه لدى المحلل الوحدوي خطر غير قابل للحياة لا وطنيا ولا سياسيا وان البديل نموذج الاشتراكيين عام 1986م. واذا اعيته الحجة عاد إلى النغمة القبلية المناطقية وكأن الجنوب نموذجا غير مرتبط بالتشكيلة الاجتماعية القبلية العربية التي تعايشت فيها القبيلة تحت سقف الدولة ولم تصبح دولة . 

 

◀  وعند محللي الترقيع الوحدوي يوصم مشروع استقلال الجنوب "بالتجنيد للقوى الإقليمية" ، رغم انه مشرو سابق للحرب وللاقاليم التي انتج فشلها الحرب ،  تحليل يصدر  من زاوية  تقبيح وتصغير المشروع وقادته وهم يرونه يعمل في الساحة الجنوبية بقوة لاتضاهيها أي قوة منافسة له.. ومالم يكاشفنا به أولئك المحللون انه إذا كانت دول التحالف مع الوحدة فما حاجتهم للتجنيد كما يحلو لهم ؟؟ 

 

◀ الدول ليست دور رعاية اجتماعية بل مصالح... والحرب عندما تشنها دولة او دول تخفي وراءها دوافع  جعلتها ضرورة وطنية لتلك الدول. وفي الحروب وغير الحروب تسعى كل المشاريع وقواها لكسب حلفاء استراتيجيين لمرحلة مايراد تنفيذه عمليا بعد الحرب .

 

  ◀ من الأهداف المرئية او التي لايرغب بعض المحللين في تناولها ؛ كسر قامات حزبية ومليشياوية  في الساحة أصبحت بقامة دولة ؛ بعضها دخل في سبات الضب الان ؛ والجوار بمجساته يعلم أن خطرها ليس على المحلي اليمني بل يشكل تهديدا إقليميا ؛ تعملقت تلك القوى عبر تغذية الدولة لها أو امتلاكها لامكانيات الدولة خلال العقود الماضية من عمر الدولة اليمنية ؛ فلا بد ان  تتكسر تلك  القامات ، لان خطرها على التحالف أكثر من الألوية ومخازن السلاح التي تدكها طائراتهم  ؛ فلابد من كسرها  بحيث لا تستطيع أي قوة سياسية أو حزبية أو مليشياوية أن تفرض خيارها بالقوة على القوى المحلية ثم تهدد الإقليم والممرات الدولية عبر اجندتها العابرة للاوطان والهويات ، فالتحالف دخل الحرب عندما تغولت وتفرعنت خاصية امتلاك القوة لطرف أو أطراف وانعدمت أو ضعفت لدى أطراف اخرى ماشكل تهديدا لدول التحالف  .

 

  ◀  وعليه لايمكن أن يأتي التحالف ليعيد صنع معادلة الهيمنة باستخدام القوة لأي طرف أو تحالف اطراف لأنه سيؤسس لحرب قادمة اذا لم تهدد وجوده فانها ستصل إلى مصالحه اذا لم يبادر اليها ، والجوار لن يظل محاربا على طول الزمان، ولن يقبل العالم منه ذلك فهو يملك هذه الفرصة وهي الوحيدة فقط لرسم خريطة مصالحه واذا لم يستغلها بذكاء ستنقلب وبالا عليه.

 

◀ أن التحليل يقول انه اذا لم تحقق أي حرب أهدافها المرسومة في بداية نشوبها فإن أمام الذي شنها أو شنوها أما الفشل وإعلان هزيمتهم ودفع التعويضات والاعتذار و و و ..الخ أو أن تتغير الأهداف لخلق واقع جديد بأدوات جديدة يتجاوز الواقع الذي فرض الحرب وقواه وادواته ... بمعنى على  قول القائل "تتقطع الشيمة أو البصيرة أو الوثيقة" وهذا الخيار هو الذي سيتبلور عمليا لأن الحسم العسكري في الشمال غير وارد ، فكل قواه لا تريد تغيير الملعب ولا تغيير القوى بل تريد ان يقوم التحالف بتهيئته لها وبقاماتها ونفوذها مايعني أن القامات التي فرضت على التحالف الحرب ستظل كما هي ،  وهي نتيجة عندما يقرأها أسخف محلل سيقول "يابو زيد كأنك ماغزيت" فما بالنا بالتحليل الاستراتيجي الذي ستقرأ النتيجة بها دول التحالف هي دول ليست تحليل ترقيعي!!  

 

ومن هذه الزاوية ، كما أرى سيكون الجنوب المستقل خيارا تفرضه نتيجة الحرب كما سارت وتسير حتى الآن في الشمال .