نقد لاذع .. فهل من سامع ؟!!

2018-01-03 08:02

 

يعلم كل مطلع على واقع الشرعية اليمنية أن من أهم معوقات نجاحها أن إدارتها لا تبحث عن حلول حقيقية و واقعية قابلة للتنفيذ على الأرض لأبرز مشكلاتها !!! نعم لا تفعل بكل أسف .

فاليمن تخنقها عدة مشكلات رئيسية وهي ما تعرقل تقدمها حتى اللحظة و أبرزها أن هناك قضية جنوبية لها خلفيات سياسية واقتصادية واجتماعية وتاريخية ..إلخ ، كما أن خلف تلك القضية يقف شعب الجنوب بغالبيته حاملا لواءها وقدم من أجل حلها بما يرتضيه ( استعادة دولة الجنوب ) دماء خيرة شبابه ذكورا وإناثا كبارا وصغارا ، وكل ما يملك قبل وبعد الحرب !!!

 

رغم كل ذلك تصر الشرعية إلا أن تتغافل عن كل ذلك بأن تدعو لتنفيذ فوري لمخرجات حوار صنعاء ذات الأقاليم الستة والتي يرفضها الجنوبيون وجزء من الشماليين و لم يقرها الشعب أصلا ( رغم إن ذلك يعد إجراء غير قانوني وفق المخرجات ذاتها والتي تنص على استفتاء الشعب عليها قبل الشروع في تنفيذها ) !!!

 

كما أن هناك معضلة حقيقية عاناها الشعب اليمني ( قبل وبعد عام 90 )  فاستمرت لعقود تنخر في جسد الوطن المسلوب من أبناءه .. وهي قضية التقاسم الحزبي والعائلي للتعيينات والمناصب في الدولة داخلها وخارجها .

 

فالنظام اليمني الجمهوري ( ادعاءا ) سيما شمالا قبل 90م وانتشر حتى سيطر على اليمن شماله وجنوبه بعد عام 90م ( عام الوحدة المشئومة ) تميز بالتقاسم العائلي لأهم وأكبر المناصب المدنية والأمنية والعسكرية حتى بات من السهولة بمكان ملاحظة أن من بيت عائلة واحد قد تجد عدد من الوزراء وأخرى تجد فيها عدد من القادة العسكريين أو الأمنيين وأخرى تجدها مسيطرة على لخارجية وهكذا .

 

فجاءت الشرعية إثر ثورة حراك جنوبي وطني رائد وتلاه انتفاضة شعبية واكبت ما عرف إعلاميا بالربيع العربي ، لكن الشرعية جاءت بما لم تستطعه الأوائل !!!

يكفي فقط أن تجد وزيرا في حكومتها يعين سبعة من أقاربه في وزارة ما ، وآخر يعين خمسة ثلاثة من أبناءه بين سفير وملحق ومستشار في الخارجية ، وآخر يلهث كثيرا لتعيين ابنه الرابع مديرا لمكتبه بعد أن عين الثلاثة الآخرين من أبناءه في عدة وزارات .. وهكذا تبقى حكاية الشرعية في تقاسم الوزراء والسفراء والمدراء وغيرهم تتقاسم كعكة المرتبات بالدولار والريال السعودي والدرهم الإماراتي بينما يموت المبدعون والمواطنون العوام وقبلهم جرحى الحرب الذين قدموا أجسامهم فدية لوطنهم الأسير لدى الشرعية من جهة والحوثيين من جهة أخرى !!!

 

بالإضافة طبعا لمشكلة اليمن الرئيسة وهي الفساد الذي هتك عرض الدولة وداس على وجه كرامتها وأذل المواطن اليمني حتى بات خارج نطاق العالم يجهل ما يعرفه الجهلاء قبل العقلاء ويموت جوعا بينما تنتفخ بطون الفاسدين المتعاقبين على الدولة منذ سنوات طوال .. فظهر حصان الشرعية الأعرج ليقضي على ما تبقى من شكل الدولة فتنتهي مأساة تجاهلها لقضايا الوطن المصيرية وكارثة تعييناتها المستفزة لعوائل المتشرعنين على حساب الوطن المتسرطن بسبب براز تلك التعيينات التي غالبها تصرف لورعان لا يحملون أدنى مستويات التعليم حتى أن بعضهم لا يجيد ربط حذاء قدمه فيعين ملحقا إعلاميا أو سكرتيرا أولا في إحدى واجهات الدولة خارجيا !!!

 

صاح المواطن وأن أنينا سمعه العالم أجمع إلا أذن الشرعية التي لم تكتف بفساد عفاش ورجالاته من المؤتمر والإصلاح بل وعزمت إدارتها إلا أن تتذاكى في استخدام سياسة جديدة قديمة وهي تدوير النفايات المتعفنة .. فالوزير الذي يفشل في وزارة ما يكرم بوزارة أخرى ليثبت فساده أكثر وبعدها يكافئ بمنصب سفير يريح به باله ويرحل للاستجمام في حمامات المغرب الساخنة جدااااا أو شاليهات البحر الكاريبي !!!

 

أتفق مع من ينظر لعفاش كقاتل مجرم لص فاسد أنشأ مليشيات عائلية بلباس عسكري وبأرقام عسكرية وتدريب عال ، وعين وزراء وسفراء من عائلات محددة تدين له بالولاء وتنتمي نسبا وطائفيا لجهات جغرافية ودينية معينة لكن معظمها كان ممن نال قسطا مريحا من التعليم والوعي فبات يفسد في الأرض ( نهبا للثروات وبسطا على الأراضي وتسلطا على البلاد والعباد ) لكن كل ذلك وبشهادة كل المتابعين لما آلت إليه البلاد لا يوازي مثقال ذرة من فساد المتشرعنين ومن والاهم .. فالفساد اليوم يستفيد منه بلداء العوائل وجهلتهم وأرعنهم تفكيرا ، ويتصدر المشهد الإعلامي أجهل القوم وأفرغهم عقلا ومنطقا وعلما وفكرا وأقلهم إيمانا بالشرعية .

 

لقد نجحت الشرعية في شيء مهم جدا وهو تمكين أعداءها ومخالفيها من نفسها فتركت مجالا واسعا للحديث والجدل حول أحقيتها بأن تمثل الشعب بكل مكوناته وتدافع عنه على الرغم من سوء العدو الذي تواجهه والذي جزء منه تاريخه السياسي فاسد بكلما تعنيه الكلمة والجزء الآخر يحمل أيديولوجيا ظلامية احتضنتها ملالي قم  تحت عباءتها الطائفية التمددية اللعينة والتي بلغ أذاها كل بيت عربي دون استثناء !!!

 

ترى متى تستفيق إدارة الشرعية وتعرف أنها توشك أن تقع من على حافة الهاوية فيسقط معها حلم شعب وتتلاشى في سقوطها طموحات جيل يحصد ما جناه غيره ؟!!

وهل مازال في الوقت فسحة لتغيير أو تعديل الاستراتيجية لتوضع النقاط على الحروف ونصنع الحل للمشكلة دون أن نفاقم من الأزمة ؟!!

وهل الأمل الذي نغني بحروفه مازال في موقعه لدينا رغم شدة الألم و قساوة النتيجة التي نعيشها واقعا في بلدنا ؟!!

 

أسامة عدنان