زمان كانت لنا أيام .. مساجدها متواضعة ؟؟

2018-06-17 12:39

 

زمان كانت لنا أيام مساجدها متواضعة، سقوفها مكشوفة، وأرضياتها غير مرصوفة، حصرها من سعف النخيل، وأعمدتها من جذوع الشجر، برك للوضوء، ومرافق ضيقة متلاصقة لقضاء الحاجة.

مساجد مفتوحة على مصراعيها طوال ساعات الليل والنهار، يرتادها ويأوي إليها المسافر وعابر السبيل، والمهاجرون وطالبو العلم والتفقه في الدين، يتوسدون صررهم، يسترخون وينامون لا تقطع هجعتهم غير مواعيد الصلاة وحلقات الذكر، يأكلون من الموائد المحمولة إلى المساجد، يتعارفون ويتنادمون ذاكرين حكايات عن رحلاتهم وأسفارهم وتنقلاتهم.. راحلون وقادمون لا أحد يضيق بهم أو يتذمر من قدومهم.

مساجد من دخلها كان آمناً، ومرحّباً به، يفسحون له ويمنحونه الوقت للتحدث، يسعدون بعلم عالم وفد، وحفظ حافظ، ولا يترددون في أن يقدموه صفوفهم ليؤمهم طالما يجيد التلاوة ويجعلونه على رأس حلقاتهم بعد صلاة المغرب وبعد صلاة العشاء، وعقب كل صلاة.. لا يهمهم مذهبه ولا يسألون عنه شافعياً كان أو حنبلياً، مالكياً أوحنفياً، وزيدياً كان أو سنياً أو صوفياً، لا شيء يثير الحقد، ولا الضغينة، ولا الكره طالما القرآن واحد والتلاوة واحدة وحب المسلم لأخيه المسلم هو القاعدة.

مساجد توحّد ولا تفرق، هذا يأخذ من ذاك بغض النظر عن من هو وما مذهبه، وهذا يقبل رأي ذك ويناقشه فيه دون أن يحمل ضغينة ضده.

مساجد لا تقوم على اختلاف نداء الصلاة ولا على السربلة والضم، الجميع يلبي النداء، والجميع يلتقون على أبواب المسجد هذا يقدم ذاك ويفسح له الطريق، لا يتضايق أو يحقد، المسربل من الذي يضم، والعكس، هذا قرب ذاك، يكبر ويتلو الفاتحة ويبسمل ويؤمن أحياناً وأحياناً يصمت.

مساجد تتسع لتكبير المكبر، ودعاء الداعي، لحلقات المتصوفة والموالد، لا هذا يذم ذاك ولا يناصبه العداء، بل يبتسم له وينضم إليه ويردد معه ما يقول.

زمان كانت لنا مساجد تختلف تماماً عن معظم مساجدنا الآن، التي تبدأ فيها الفرقة من التسمية ولا تنتهي بكثير من التأديات، كالتكبير والضم، والمذهب، كل واحد مغلق على جماعة دون أخرى، مسميات وبدع وأتباع بعضهم ضد بعض، وبعضهم لا يطيق بعض، وبعضهم يتربص ببعض.. مساجد مغلقة لا تفتح أبوابها إلا في أوقات الصلاة، ولا يقبل فيها مسافر أو عابر سبيل يريد أن يصلي ويذكر الله.

لكل مسجد إمام وخطيب لا يسمح لأحد غيرهم أن يقوم بما يقومون به ولو كانوا أكثر منهم حفظاً لكتاب الله، ومعرفة بقضايا الدين والدنيا.

عيدكم سعيد

 

*- بقلم : سالم الفراص