نص تقرير قناة العربية :
(تحيي مدينة المكلا ذكرى رحيل الشاعر المحضار، من خلال معرض يضم مقتنياته احتضنته مدينة المكلا، حملت صوره وشهاداته ومقتنياته وعروض لأعمال حسين المحضار شاعر الدان الحضرمي ورفيق أبوبكر سالم لعقود طويلة، يخلده أبناء مدينة المكلا، المدينة التي تغنى بها في صباه وأطرب بها كل العرب. وتبقى ذكراه حاضرة حيث ولدت القصيدة واللحن.. كما فرح به اقليم حضرموت ساحلاً ووادياً).
يمنى جلاصي - قناة العربية
إنتهى التقرير..
عندما شاهدت تقرير قناة العربية السعودية، الذي تحدث عن ذكرى شاعرنا الكبير حسين أبوبكر المحضار، أصابني الجنون من ذلك التقرير، الذي إحتوى على نسبة كبيرة من معلومات خاطئة لم تكن صحيحة. وكعادتها تلك القناة التي دوماً تبث سموم تقاريرها للعالم، ويظن مشاهديها ان تلك التقارير جلّها على حق. ولا يعلم الأغلبية من الم ان تلك القناة تشوه الإعلام ورسالته السامية وتقوم ببث تقارير لغرض تغطية فراغها على حساب تظليل المشاهد.
شاهدت عدة تقارير متنوعة من قبل، على شاشتها وكنت شاهداً لأحداث تلك الوقائع على أرض الواقع، فإكتشفت ان تلك التقارير التي بثتها القناة مغلوطة، ومجرد مواد كتحصيل حاصل تبثها للمشاهدين، دون فحصها والتأكد من مصداقيتها.. وهدفها سياسي بحت ولتغطية فراغها خلال بثها الـ24ساعة ولاتوجد مادة إعلامية حقيقية لديهم، بل ضعف في طرحها وموادها، التي تفتقد للمصداقية والأدلة المثبتة.
للأسف هناك الكثير من القنوات والصحف تصرف الآلاف من العملات الصعبة كرواتب لمراسليها وتزودهم بالأجهزة الحديثة وتوفر لهم السكن في الفنادق، لغرض تغطية أحداث وفعاليات محددة، بينما نشاهد هؤلاء المراسلين والمصورين لايحضرون، أو يأتون متأخرين عند تغطية الفعاليات والأحداث، كونهم يجلسون في الفنادق ويتعاطون القات أو النوم في غرفهم أو يخرجون للسياحة والتسوق، دون مبالاة أو إهتمام بعملهم.. بعدها يقومون بشراء المواد الإعلامية المصورة بثمن بخس من أطرف مصور، ثم يرسلونها لقنواتهم وصحفهم، دون حسيب أو رقيب ودون ان تقوم القناة بفحص تلك البيانات والتأكد من مصداقيتها.
أيضاً تقرير قناة العربية تحدث عن العلاقة المتينة التي سادت بين الشاعر الملحن حسين أبوبكر المحضار والفنان أبوبكر سالم بلفقيه. وظل التقرير يتحدث ويسرد عنها، بإعتبارها علاقة بين ساحل و وادي إقليم حضرموت..!! ولم يذكر حتى مدينة تريم موطن بلفقيه.. بل ركز على ان كل هؤلاء العمالقة موطنهم المكلا وان الإحتفالات والأفراح والتجهيزات أيضاً كانت في المكلا..!! وكأن اسم "الشحر وتريم" سُماً على ألسنتهم وانها مجرد مصطلحات يطلق عليها: "ساحل و وادي إقليم حضرموت".
لقد أغضبنا كثيراً تقرير الشاعر المحضار في ذكرى رحيله العشرون، على قناة العربية، حيث سادته التفاهة والغباء والكلام المغلوط ويتحمله معد التقرير وكذا الآدمي الذي قام بإرسال المادة للقناة. لقد تناسى هؤلاء ان المحضار ظاهرة فنية لايستهان بها. ومن غير المعقول ان يتم التفريط والتشويه لمعلوماته وبياناته الصحيحة. فلو كان المحضار على قيد الحياة لما ظل صامتاً حيال ذلك اللغط الذي يمارسونه.
لقد تناسى هؤلاء الحمقى ان الشاعر المحضار، كانت له عشيقة لا يستهان بها ويغضب كثيراً إن مسّها الضر ولايرضى ان ينتقص من حقها حرف واحد في وصفها وحقوقها.
قال في احد قصائده الشهيرة التي أثبت فيها مدى حبه وعشقه لمدينته: (شوق خلا الرأس ناد.. والحشى والرأس ناده.. جل خلاق العباد.. لي جعل حبك عبادة.. قابليني "ياسعاد" وإلبسي ثوب السعادة).
وأيضاً كان يعتبرها بمثابة والدته: (أمي "الشحر" والوالد جبل ضبضب وابني الحيد لسود وابنتي ضبة)
وفي قصيدة أخرى : (مشينا بها في الرمل مشي المجانين.. على شان مافي القلب من شوق وحنين.. لأحبابنا لي في "سعاد الزبينة".. محد يلومه من يفارق ضنينه).
كذلك رفض ترك عشيقته أو يستبدلها وأبدع عندما قال : ((قريب بابدل بداري دار.. معمورة وديره غير ذي الديرة.. لكن قلبي مارضي يختار غير "الشحر" لا وليته الخيره.. حبه وتقديره لها من سمح ولها العز والمقدار)
وقال في أخرى :(طاب "سمعون" وادينا وطابت مراعيه)
وهناك أضاف رائعته الجميلة : (باشل حبك معي بلقيه زادي ومرافقي في السفر... بانلتقي في "سعاد")
أخبرني ذات مرة الأستاذ الباحث رياض عوض باشراحيل -أحد أصدقاء المحضار المقربين الذين عاشروه في حياته ودافعوا عن حقوقه- قائلاً: ((كان حسين المحضار في الغربة دوماً يحن ويشتاق لمدينته الشحر ولي مواقف كثيرة معه لاتحصى.. خاصة عندما نحضر إلى فرح أحد الأقارب، تجده يدندن ويقول لي: يارياض "الرأس نوّد وابن آدم يحن ع ماتعوّد" .. ايش رأيك؛ نسافر ع البلاد..!!)).. وظل يسرد الباحث باشراحيل عن المحضار مآثر كثيرة، جعلتني أكتشف ان هناك علاقة عشق بين المحضار وسعاد الشحر، لم تكن مبطنة، بل واضحة أمام الجميع، طاهرة تخلو من المجاملات
وقال الكاتب الصحفي بدر بن عقيل: ((كان المحضار إذا ذكرت "الشحر" وهو بعيد عنها ترقرقت عيناه بالدموع!! لقد رأيت هذا عندما كنت في مدينة "جدة" ذات يوم من عام 1993م.. وهنا قلت له: الآن عرفت من أين جاءت في أشعارك وألحانك كل هذا الكم من الحنين والشجن والمشاعر..)).
لقد عرض تقرير قناة العربية أخطاء معلوماتية، هَدَفَ من كان خلف تلك المعلومات هو محاربة الشاعر المحضار ومدينة الشحر وإشعال العنصرية بين المدن الحضرمية، لينسب المهرجان وفعالياته والمتحف والمحضار إلى مدينة المكلا وتم تهميش الشحر وناسها الطيبين، ليذهب جهدهم سدى في مهب الريح. لكن لو أتينا إلى أرض الواقع، سنرى ان أكبر الفعاليات والتجهيزات والحفلات ومعارض الكتاب ومتحف المحضار والزوار والندوات والمحاضرات وجلسات الدان وعروض الرقصات الشعبية ودوري المحضار لكرة القدم كانت كلها في مدينة الشحر، ضمن فعاليات المهرجان الذي أحيته وتحييه المدينة كل عام، منذ رحيله.. حيث موطن الشاعر ومثواه الأخير. تلك المدينة التي إهتزت وثارت شوارعها وبيوتها ومدارسها وأزقتها ورجالها ونسائها وشيوخها وأطفالها، تخليداً لذكراه.. وإتجهت الأعين ومحبي المحضار صوب مدينة الشحر عاصمة التراث الفني، حيث كانت مراسيم المهرجان وفعالياته هي الأفضل والأقوى من غيرها.
أيضاً الغريب في الأمر؛ ان المشاهد التي عرضت على قناة العربية المرفقة بالتقرير، كانت كلها مأخوذة من فعاليات مهرجان المحضار بالشحر، من ضمنها كلمة لمدير مكتب الثقافة بالمديرية وتم شطب صفته من التقرير وكأنه مواطن عادي يطرح رأيه وإنطباعه عن المهرجان للقناة. وإستمر التقرير يتحدث وينسب المهرجان لمدينة المكلا، دون ذكر للشحر موطن الشاعر ومنبع عشقه وهاجسه.
ان مضمون رسالتنا هذه، يهدف إلى تنبيه جميع الإعلاميين والقنوات والإذاعات والصحف والمجلات.. وبعد ان تكررت تلك التصرفات العدوانية المفتعلة تجاه الشحر وتاريخها وكوادرها وفنونها وحقوقها. ونقول لهم؛ ان كنتم لاتفقهون شي فلا داعي بالقيام بأي تغطية، فسكوتكم وإبتعادكم خير من نقل الأكاذيب للناس وتظليل الحقائق.
كما نحيي ونشكر وسائل الإعلام التي نقلت فعاليات المهرجان بمهنية عالية.
رحم الله شاعرنا المحضار..
*- عدنان باسويد