الفساد والإرهاب هما شكلا وجه الأزمة

2020-04-19 05:10

 

هناك شكلان ظاهران لوجه الأزمة ، منذ إتفاق الوحدة في 22 مايو 90 ، هما الإرهاب والفساد . وإذا نظرنا إلى شكلي وجه الأزمة ، سنكتشف أن وراءهما جهة واحدة ، وإن هذان الشكلان لوجه الأزمة ، مرتبطين ببعضهما إرتباط وثيقا ، من خلال أن الفساد يمول الإرهاب والإرهاب يحمي الفساد .

 

عمليا فإن المليشيات التابعة للقاعدة وداعش ، ومليشيات الإخوان ، التي انخرطت في المؤسسات العسكرية الدفاعية والأمنية ، عبر الشرعية اليمنية ، التي يسيطر عليها الإخوان المسلمين (( حزب التجمع اليمني للإصلاح ))  هي جميعها مليشيات إرهابية غير قانونية . وبسبب ذلك التحول المظهري ، صار هؤلاء الإرهابيون في هذه الميليشيات يمثلون حكومة الشرعية اليمنية .

 

وإذا ما عرفنا أن الجزء الأكبر من عمليات الفساد ، إنما يجري تحت قبة برلمان الشرعية اليمنية ، وطاولات حكوماتها ، التي اتخذت من الفساد سياسة رسمية لها ، فإن ذلك يعني ، أن الإرهابيين انتقلوا ، بحكم مقاعدهم النيابية والحكومية ، إلى إدارة عمليات الفساد ، من خلال استعمال الوسائل الرسمية لشرعية اليمنية . والغريب أكثر أن الخارجين على القانون هم من أُنيطت بهم مهمة سنّ القوانين . إنها معادلة لا تستقيم مع فكرة بناء الدولة ، فكيف بها وقد فرضت نفسها ، بقوة الأمر الواقع كسلطات نافذة .

فاذا كان أولئك الخارجون على القانون ، كفاسدون وارهابيون ، موجودون في مجلس نواب الشرعية اليمنية ، وحكوماتها المتتالية ، لأنهم يمثلون أصوات من انتخبوهم ومن قام بتعيينهم ، وبسبب صفتهم التمثيلية النيابية والحكومية يملكون القدرة على سنّ القوانين بما ينسجم مع مصالحهم ، فبذلك تكون حكومة الشرعية اليمنية وبرلمانها مجموعة من الفاسدين والإرهابيين .

 

اذن فالجهة التي مارست عمليات فسادها ، كانت ولا تزال تستمد قوتها ، من سيطرتها على السلطات الثلاث الضعيفة أو المستضعفة ، اي إن رئيس السلطة التنفيذية ، الذي هو رئيس الحكومة ، لا يمكن أن يحل في منصبه ، ما لم توافق على ذلك الإجراء ، الجهة التي تملك القدرة على تثبيته في منصبه أو طرده ، من خلال الإرهابيون ، الذين هم زعماء هذه الجهة ، والذين يملكون الحق ، في اختيار الحكومة التي تناسبهم . لذلك فإن تلك الحكومة ، لن تكون سوى واجهة ، تغطي على عمليات الفساد .

لذلك يمكن النظر إلى ما يجري اليوم ، باعتباره ثمرة طبيعية لعمليات فساد ، جردت البلاد من ثرواتها وأفقرتها ، بل إنها أثقلت البلاد بديون يعلم الله متى تستطيع البلاد تسديدها ، كما أنها أدخلت البلاد في حروب متواصلة ، لم تتوقف حتى اليوم ، وهنا الطامة الكبرى .