الرفاق الماركسيون والزمن الأغبر!! حديث مناجاة إلى عدن 3-6

2020-08-04 13:06

 

خلال صراعات الرفاق في الحزب الاشتراكي  فرضوا عليك يا عدن وعلى سائر مدن الجنوب الستار الحديدي ..وكلهم قد نهلوا من خيراتك وشربوا من مياهك العذبة .. ودرسوا في مدارسك ونهلوا من علومك .. وقبل فجورهم ..صلوا في ماضي الأيام في مساجدك.. وفجأة تمردوا عليك وتنكروا لرسالة السماء والأنبياء المرسلين الذين أرسلهم الله رحمة للمؤمنين الموحدين و للوطنيين والأحرار من أبنائك ..كما تنكروا لسائر الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني. تنكروا لتاريخك و قيمك النبيلة و علمائك وشرفائك وعاداتك وتقاليدك وتسامحك .. وجعلوا منك حقلا لتجاربهم ومغامراتهم السياسية تحت شعارات كاذبة وخادعة وتحت راياتهم الحمراء قتلوا أنبل الرجال .. وسحقوا أشجع فرسان القبائل غيلة وغدرا في كافة مدن الجنوب.. ولم يشبع  غليل حقدهم من دماء الأبرياء.. فسلط الله بعضهم على بعض .. يتقاتلون.. ويذبحون بعضهم بعضا.. فتآمروا على رفاق الأمس منهم ..عندما غدروا ب (25) دبلوماسيا فجروا طائرتهم في سماء حضرموت عام 1972م .. ذبحوا رؤسائهم في عدن والمعلا..والتواهي .. قتلوا فيصل وسالمين ..وزراء وسفراء..في سلسلة من الانقلابات..ومات قحطان  في السجن ذليلا مهانا  ثم دارت الدائرة عليهم واستمر الرفاق يعبثون ويقتلون ويفجرون.. أشعلوا في شوارعك الحرائق وفي مبانيك ومعسكراتك الجحيم لتحصد آلاف الأرواح في مذبحة 13 يناير عام 1986م .. في أبشع حرب طالت الجنوب  ..كان حصادها عشرة آلاف قتيل من كوادر الجنوب .. ولم يوفروا سلاحا إلا استخدموه في صراع القبائل الماركسية ولم يشبعوا من دماء أبناء الجنوب.. أحرقوا الزرع والضرع.. دمروا كل قيم التسامح التي تأسست ونهضت عليها يا عدن!!

ولم يخلفوا ورائهم إلا الحزن والسواد..زرعوا راياته في كل بيت ..لقد ترملت يا عدن مرات ومرات.. وثكلت مرات ومرات.. فقدت الأب.. والزوج.. والأخ.. والابن.. وفلذات الأكباد ،في حروب البسوس، وداحس والغبراء، وجساس وكليب العصر!!! في حروب الطغاة مع العتاة والزمرة مع الطغمة الذين لا يعرفون إلا لغة الموت والدمار وكانت تلك الحروب مؤشرات لسقوط الوطن الجنوبي وضياعه !‍! كساك الحزن والسواد.. تنكست أعلامك وأصبح الجنوب بأسره دار حزن ومأتم كبير !! عبر عشرات الألوف من أبنائك الحدود خارج أسوارك الحديدية.. إلى الخليج .. إلى أوربا وأمريكا إلى مصر .. إلى أصقاع المعمورة. رأيتهم يجوبون الأرض يبحثون عن وطن .. ولا وطن ..ولازالوا في التيه حتى اليوم وكأنها خلت عليهم لعنة بني إسرائيل.

وكنت ضمن تلك الجموع ..رحلت من وطني وأنا دون العشرين.. وعندما عبرت الحدود خارج أسوار الوطن اغتالوا أبي ظلما وعدوانا مثل آلاف الرجال من أبناء الوطن .. فبكيت حتى تقرحت العيون.. ونزف قلبي دما من الحسرة والألم.. واكتوت ضلوعي.. .. وأصبحت يتيما شريدا طريدا في المهاجر..أبحث عن وطن ولا وطن..!! وقذفوا بأسرتي وأهلي وبني وطني على الحدود بالآلاف في العراء!! صادروا بيتي، مزرعتي، ذكرياتي..كل أحلامي في وطني..وهاجر الآلاف مثلي وعبروا الحدود يلاحقهم الموت والرصاص..!! لا فرق بيني وبين الفلسطينيين الذين اقتلعوا من أرضهم واستلب اليهود ديارهم وتاريخهم نفس السيناريو جرى معنا في الجنوب.. .. الشيوعيون واليهود ..من نفس الطينة والجبلة، الفرق أن من طردونا وقتلونا يدعون أنهم مثلنا.. ومن قومنا وأشك في ذلك!!؟؟

هل تذكرين يا عدن.. هذا الصبي اليافع الذي عاش فيك، وأحبك، وتجول في ربوعك!! انه أحد أبنائك ..ابن الجنوب.. هذا الصغير الذي نشأ في مدينة الصعيد بالعوالق.. ودرس القرآن في المعلامة على أيدي شيوخ أفاضل درسوا العلم في حضرموت.. وتعلم الصبي معاني الوفاء والصدق والشجاعة من شموخ كور العوالق ورجاله البواسل، ودرس في أبين على أيدي أساتذة أفاضل.. علموه الأدب والشعر والتسامح..وأخضر قلبه بالمحبة والتسامح كحقول أبين الخضراء..وتدفق قلبه بالعطاء والولاء والوفاء للوطن كسيول كور العوالق وأودية ضراء وضيقه وحسان وتبن، التي تحمل الخير للبلاد والعباد!! ..ومع إشراقة كل صباح علموني كيف أشدو وأنشد مع المئات من أبناء جيلي هذا النشيد: نحن الشباب لنا الغد..ومجده المخلد.. نحن الشباب ..وضاع الأمس ولم نعثر على الغد المنشود والوطن المختطف وسط دخان ولهيب المعارك والحرائق، التي أخذ يشبها الطغاة والمجرمون، قساة القلوب!!

والى اللقاء في الحلقة الرابعة

د. علوي عمر بن فريد