هل يمكن بناء دولة في اليمن العربي؟

2020-11-18 20:48

  

قبل الاجابة على السؤل لابد من تناول بايجاز الاسس المساعدة  لبناء دولة ومنها  الجغرافيا وتاريخها والديموغرافيا وطبيعة نشؤها وتكويناتها وجذورها والى اي  مدى هي متعايشة بثقافة مجتمع يعيش على هذه الرقعة الجغرافية بتاريخها ..

ولتفكيك هذه العوامل وتحليلها نجد ان مشكلة اليمن العربي تكمن في تعدد اعراقه ومذاهبه وتمسك احفاد هذا التعدد  المتنفذ بثقافة اجدادهم التي يتوارثونها منقولة عن مواطنهم التي قدم منها الاجداد وغياب الشعور بالانتماء الى شعب واحد يعيش في رقعة جغرافية واحدة وسيطرة ثقافة القوة والغلبة وسيادة من يمتلكهما وهذا من اكبر العوامل المساعدة على رفض فكرة بناء دولة تحكم بمؤسسات حكم ودستور وقانون ويخضع الكل  لسيادة هذه الدولة كشعب له حقوق وعليه واجبات وليس كرعويين  وذلك ماظل محل رفض وسيظل كذلك طالما ان القوة والنفوذ والثروة محل احتكار لاحفاد الاجداد ممن راق لهم العيش في تلك الرقعة الجعرافية كاسياد عبر مختلف مراحل تاريخ هذه الرقعة لان المتنفذين ليس بوسعهم  الخضوع لسيادة سلطة الشعب ودولته ومساواتهم (بالرعويين) . .

 

فالمتنفذون يرون انفسهم انهم هم الدولة وهم السلطة وهم القوة وبالتالي تكون الثروة حق موروث لهم متوارث عن اجدادهم جيلا بعد جيل كنتيجة لسيطرة الغلبة .

 

من هنا نجد صعوبة كبيرة في ظهور دولة بمؤسسات حكم وقانون توفر الحد الادنى من واجبات الدولة.. و(لديمومة) هذه الحالة تم اختراع الصراع الطائفي والديني والقبلي وتمايز طبقات الرعويين الذي تم تدجينهم علي ان الظلم  حقيقة ليس بوسع احد ازالته والرضوخ له  حق وطاعة..

وتماشيا مع التطورات والاحداث التي تتفاعل في العالم فقد تم تعميق وتجذير الشعور الجمعي بحقوق تاريخية لليمن لدئ جواره  وظل الرعويين بهذا الوهم متمسكين ويعدونه هو سبب مشاكلهم وعدوهم التاريخي وعليه يرمون كل المشاكل والمظالم التي تجثم على انفاسهم على هذا العدو التاريخي كما حدده احفاد المتنفذين الغرباء  لكي ينفردوا بالقوة والنفوذ والثروة بل و(بالشحت) من نفس دول الجوار التي يوهمون الرعويين انها عدوهم التاريخي  ..

 

لهذا  تبدو الدولة بمؤسسات حكم يتساوى فيها جميع الشعب امرا مستحيلا  سيما بعد فشل مايسمى بثورة الشباب في احداث التغيير الجذري المطلوب والتاسيس لبناء دولة وليس شرطا ان تكون اتحادية او ديموقراطية  كما فشلت الجمهورية قبلها منذ عام1962م وكما فشل اعلان الوحدة اليمنية عام 1994م  وقد كان الامل في تدخل التحالف العربي عام2015  بالمساعدة في ايجاد مناخات ايجابية لبناء دولة.. ولكن تم احتوى هذا التدخل وحرف مساره  لصالح نفس قوى اعاقة بناء الدولة في اليمن العربي ( الشمال)  وهذا ليس مشكلة لدى رعويي الجمهورية العربية اليمنية  وتتقبله الجغرافيا كامر واقع ومقبول وفق المتعارف عليه في الثقافة الجمعية لمجتمع متعدد الاعراق والطوائف والطبقات ومتناقض..لكن هكذا حال لن يكون مقبولا في الجنوب العربي -  الذي اصبح اسمه (اليمن) الجنوبي منذ عام1967م من اجل الوحدة العربية - جغرافيا وديموغرافيا فموقع الجنوب لايسمح بغياب الدولة  فهي من تسد الفراغ الامني  لحماية الجنوب وادارة شئونه وحماية المصالح الدولية  فيه.. كما ان الثقافة الجمعية لشعب الجنوب (وليسميه) كل بما يريد من تسميات لاتقبل  بغير الدولة  بديل والتي تعيد التوازن الاقليمي والدولي (المختل) منذ عام1990م وتحقق امن واستقرار المنطقةوتساهم في صون الامن والسلم الدولين.

 

الباحث/ علي محمد السليماني