إحتفال أهل الجيوب في فبراير المنكوب...

2021-02-11 18:25

 

لم يعاصر اليمنيون ثورة حقيقية تحولت إلى نكبة، ووجهت سهامها إلى الأغلبية العظمى من أبناء اليمن،كما حصل في ثورة "11 فبراير" 2011م ,هذه  الثورة كانت فعلا حضاريا راقيا دعت إلى التغيير السلمي،فكانت البداية بهتافات الكادحين والمظلومين والعاطلين يدعون إلى التغيير ،وإلى العدل والمساواة بين المواطنين،وخرج الشباب بصدور عارية بداية في كل المدن اليمنية بعفوية جمة، واستجابة لما بدات به تونس ثم مصر، كان يحدونا الأمل والطموح ونحن نهتف بتلك الهتافات بأن تتتغير أحوالنا ونرى بلدنا في أمن وأمان واستقرار وتنمية وتطور بأسرع وأجود مما كان في عهد النظام السابق، كانت الأحزاب السياسية كلها بعيدة عن الحدث الثوري وعلى تواصل وتفاهم مع النظام،ولم تكن راضية عن الثورة؛ فقد كانت كل النخب السياسية اليمنية -تقريبا-غير راضية عن تلك الثورة،ولا تعرف من يقودها أو يحركها ،كانت العفوية سيدة الموقف لم يصاغ لها أي هدف سوى شعارات إسقاط النظام وكلمة "إرحل" .

 

كانت القوى المضادة للثورة تتربص بالفعل الثوري الشبابي السلمي وتبحث عن مجال التوظيف السياسي له ،فبدات عملية الاستقطابات والاختراقات المحلية والاقليمية والدولية للساحات،استدعت السفارات الأمريكيةو القطرية مجموعة من الشباب على راسهم توكل كرمان وخالد الانسي وغيرهم،ووظفتهم بالمال لصالحها ليتم تحريكهم من مقراتها،ثم دخل على الخط رأس المال القطري الداعم عن طريق حميد الأحمر.

 

وفي جمعة الكرامة،وبعد تدبير استخباراتي خبيث كان المنعطف العسكري  الأخطر بانظمام على محسن الأحمر وقواته للثورة الشبابية، وتبع ذلك انظمام القيادات والنخب الحزبية والدينية للثورة،  عندها عرف أولو الألباب بأن الثورة تم اختطافها دوليا واقليميا ومن أفسد شخوص ورموز النظام السابق الذين خرجوا يدعون إلى تغييره ورحيله،فتسلمت تلك النخب الفاسدة والتي خرجت من عباءة النظام المنصات،وبدأت بمضايقة الشباب الثائر فعلا،وتهديدهم وترهيبهم تارة وترغيبهم بالمال تارة أخرى، حتى أحكموا سيطرتهم على قيادة الثورة وحرفوا مسارها لتصب في خدمة أطماعهم بالسيطرة على السلطة بشتى الطرق والأساليب ،ولم يكن للشباب الثائر الحقيقي القدرة على المقاومة؛ فكان ينقصهم المال والجاه والإعلام،والدعم الدولي والاقليمي؛ ليتمكنوا من الحفاظ على ثورتهم نظيفة نقية طاهرة سلمية،لم يلوثها الكهنوتين والسلالين ولا تخلف المشيخ وقبائلهم ،ولا فاسدي وبيارات وقمامات النظام السابق ،من أولئك الذين كانوا على صراع عسكري أو إقتصادي أو فئوي مع النظام السابق في مراحله الأخيرة.

 

 وبدلا أن تنجح ثورة فبراير بتغيير كل رموز وفعاليات النظام السابق، تحولت إلى نكبة جديدة بحق شعبنا،وامتطى جيدها النطيحة والمتردية وما أكل السّٓبع، فانتجت لنا الغلامان المشؤومة،وأوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن من بؤس وظلم وتعنت وقهر واستبداد.

 

أصبحت الثورة نكبة،والقيادات الشبابية النظيفة تم ازاحتهم من المشهد ليستبدلوهم بالقيادات المتخمة بالمال والجاه،اللاهثة خلف الكراسي والمناصب ممن لا يملكون أدنى القيم الثورية والوطنية والإنسانية،وصار المشهد الثوري عبارة عن استبدال الفاسد بأفسد،وتربع على الثورة النكبة الانتهازيون والوصوليون والتجار وذوي العاهات وتم تفريغ الثورة من أي قيم ومبادئ وطنية وأخلاقية.

 

حتى أوصلتنا تلك النكبة إلى تفتيت الوطن والإحتراب والقتل وسيطرة المليشيات باسم الثورة على اجزاء الوطن،وأصبح المسؤولون أدوات هدم  للمؤسسات العسكرية والمدنية،فوصل بنا  الحال إلى انقطاع رواتبنا وانهيار العملة،وظهور طبفات الأثرياء الجدد من قادات  المليشيات في ربوع الوطن،ذهب الأمن والأمان وحل مكانه الخوف والجوع والفقر والجهل،وانعدام أدنى الخدمات،فلا تعليم ولا صحة ولا كهرباء ولا طرقات ولا عدل في محاكمنا،كل ذلك لأن البدايات كانت خاطئة،فإنه من الطبيعي أن تكون النهايات خاطئة ايضا،وما زال الكثيرون يؤملون بقيادات المليشيات اليوم ،ليحتفلوا معهم بملأ الجيوب على حساب الثورة المنكوبة... والدهر فقيه.