إلى القاصة والأديبة "د.هدى العطاس".. وإلى روح رفيقي الأديب والقاص "ميفع عبدالرحمن" .

2021-04-09 13:20
إلى القاصة والأديبة "د.هدى العطاس".. وإلى روح رفيقي الأديب والقاص "ميفع عبدالرحمن" .
شبوه برس - خـاص - عـــدن

 

إلى ميفع: رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته .

 

هدى ، يا أخية الحبر وأسطر الورق والكتابة .

كيفك  أنت في غيابك .؟

كيف هو العمر والوقت .؟ وكيف هي الأيام معك .؟.

كيف هو المنطق وعلم الجمال وشتى علوم الفكر والمعرفة .؟

أتمناك بخير .

بينما أنا لست بخير .

 لست كما كنت ذات عمر وزمن ، كنت خلالهما ممسكا بالأماني وبعض من البهجة والأمل .

 أو تعلمين ، أم لم تعلمي بعد .؟

 لقد رحل رفيقي وصديقي القاص والمفكر ميفع عبدالرحمن ، تاركا غصة في القلب ووجعا لم ينطفئ .

 رحل دون وداع أو مسج في هاتفي الخلوي ، وقد اعتدت على رسائله اليومية ، التي أستقرئ خلالها لاءاتي ووجهة دروبي القلقة .

رحل ميفع ياهدى .

رحل .

  شهران كاملان كنت أفتح خلالهما الوتساب بحثا عن قصة أو مقال أو صوت يجيئني منه .

 شهران من الصبر والترقب في انتظار خبر مفرح لم يجيء .

 اتصلت خلالهما على هواتفه ولم يجبني سوى الصدى ، وقد أوقد  ألمي وحزني عدم سماعي صوته خلال فترة مرضه إثر الوعكة الصحية التي داهمته بغتة .

 لقد رحل تاركا خلفه مجموعتين قصصيتين ، هما ( بكارة العروس ) و ( الاستحمام بماء ورد الفرح ) وهالة من النبل والوفاء .

 رحل صابرا محتسبا ولم يستجدِ أحدا ، بينما ارتفعت نداءات زملائه بضرورة سفره وعلاجه خارج الوطن .

 وكان الوطن واقفا ، ينظر نحوه بصمت وتبلد ولم يعر توجعاته اهتماما .

 عتبي على وطن يترك مبدعيه يموتون فقرا ووجعا وقهرا لا يحد .

 عتبي على وطن يموت فيه الطهر والتعفف ، وينتحر الشرف والفضيلة ، بينما يقف الزيف ضاحكا بهزء وتشفي وكبرياء .

 هدى أوتعلمين ، مؤكد ستعلمين ، وسيدرك الشرفاء يوما ، أن لا مكانة لهم على تراب هذه الأرض التعسة ، وليرحلوا مدججين بقهرهم وحيائهم  ، أو فليموتوا بانكساراتهم وغبنهم  داخل وطن لا يرى فيهم سوى القلق وعدم الرضاء والارتياح .

  هدى ، ياشقيقة الحرف والصبر والقضية الضائعة .

 لقد رحل ميفع ، الذي أنبأني بالحقيقة، ووجهها الموشى بالعهر والأباطيل الماحقة .

  خسرناه جميعا ، وإن بقي بعض ممن هو يشبهه ، ومن هم على خطى دربه سائرين .

  نحن الذين نفتقده ونحتاج إليه ، بينما الوطن لا يحتاج لمن هو مثله . لو كان يحترمه ويحبه لطار به على أجنحة الدفء نحو بلد آخر ، لعلاج وجعه وما ألم به من سقم وداء .

 اليوم هو ، وغدا نحن وآخرون  لا يزال ينخر الألم أفئدتهم ولا يملكون ثمن الخبز والدواء .

 أيها الزيف القاتل كل جميل فينا ، كيف هي النخوة بداخلك .؟ أولا تزال ممحوة من  أجندتك ودفاترك ، ولا زلت تنظر بتعال من عليا شرفاتك لمن تستصغرهم وترى أنهم سبب قلقك ومتاعبك .؟ مؤكد ذلك ، طالما تمتطي السيارات الفارهة ، وتتطبب في أرقى المشافي ، وتتلذذ بأشهى المأكولات والأطعمة .

 فلتبق مثلما أنت ، ودع لنا الحلم فقط ، أم قد منعت الأحلام عن التعاطي والممارسة. 

  نحن موجوعون ومبتئسون ، ونفقد كرامتنا وعزتنا ، وتتساقط جبال شموخنا كل يوم ، ولا نملك سوى التطلع نحو السماء .

  أو لعنة تكاد تمحقنا ، إننا ولدنا على تراب وطن لا يحبنا ولا ينظر إلينا .؟

  أوعاقون نحن ، حين صرخنا بالحق ولازلنا ننادي ونستغيث .

  لم نكن كذلك أبدا ، فقد حلمنا بوطن يحتوينا ويخفف توجعاتنا ، ولا نزال نبحث عنه حتى اللحظة . وقد عاش صديقي ميفع باحثا عنه طوال عمره ورحل بحسرته وألمه دون تحقيق ما سعى لأجله وظلت تهفو روحه إليه .  

بقلم خالد لحمدي