التسريبات المتداولة بأن المملكة السعودية تعتزم ترحيل العمالة اليمنية المتواجدة في جنوب المملكة خلال أربع أشهر، هذه التسريبات لم يصدر من الجهات الرسمية السعودية-حتى الآن- أي نفي لها بشكل صريح، مما يؤكد أنها أخبار صحيحة ومؤكدة؛ وتؤكدها بعض الأخبار الواردة من هناك،بالبدء بترحيل أكاديميين يمنيين من جامعات سعودية، فما أسباب هذا القرار؟ وما دلالاته؟ وما أثره على اليمنيين؟
اقتصار القرار على العمالة اليمنية جنوب المملكة يدل بانها لأسباب أمنية تتعلق بالهجمات المتكررة على المنشأت والمواقع العسكرية من قبل مليشيا الحوثين بصنعاء؛ لكن هل هذا سبب مقنع بنظركم ؟ فهذا القرار يترتب عليه تجويع آلاف الأسر اليمنية في اليمن التي تعتمد في حياتها ومعيشتها على دخل اولئك العمال ،وما يتم تحويله لهم، ولذلك يعتبر هذا القرلر انتهاكا انسانيا مخالفا للشرع والأخلاق ولقانون العمل الدولي..
يأتي هذا القرار في ظل حكومة ورئيس دولة يعيشون في المملكة كضيوف،وقد تخلوا عن كل مسؤولياتهم الدستورية والقانونية تجاه مواطنيهم اليمنين،فتركوهم يصارعون الحوثيين والجوع وإنهيار العملة الوطنية، لدرجة أن المواطن اليمني لم يعد قادرا على شراء أدنى متطلباته واحتياجاته ليبقى حيا، ولأن المملكة تحملت مسؤولية قيادة دول التحالف في تحرير اليمنين من قبضة الحوثين الايرانين ،فيجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية في مساعدة اليمنين حتى يخرجوا من أزمتهم.
هذا القرار يدل دلالة قاطعة على فشل الاستخبارات العسكرية والمدنية في المملكة، بإتخاذ الاجراءات الاحترازية الاستخبارية الأمنية الصحيحة التي تحدد مصدر المعلومات التي ترسل للمليشيا الحوثية ،مع يقيني بأن كل العمال اليمنين مشغولون ببطونهم وبجوعهم ويبحثون عن لقمة العيش،وليس لهم أي صلة بتلك الهجمات من قريب أو من بعيد. وإن وجد من يعمل مع المليشيا الحوثية في تلك المناطق من اليمنيين او من السعوديين المعارضين للنظام من الشيعة أو السنة ،فليس صعبا على دولة تملك كل الامكانيات الاستخباراتية أن تتعرف على اي شخص يتعاون مع مليشيا الحوثين لينال جزاءه العادل ،لكن أن يتم معاقبة اليمنيين بالجملة فهذا لا يرضي الله أو الدين أو القانون.
قرار مثل هذا وفي ظرف الحرب،والحالة الاقتصادية المزرية التي وصل إليها اليمنيون لا يراعي ما بين اليمنيين والسعوديين من أواصار الأخوة والجوار والقواسم التاريخية والدينية والعروبية المشتركة، ويصب في صالح مليشيا الحوثين وإيران بالدرجة الأولى،ويؤكد مزاعم إعلام الحوثيين وعقيدتهم وسمومهم التي يبثوها في اوساط اليمنين البسطاء.
لا شك بأن هذا القرار غير حكيم ،ويعول اليمنيون على حكمة القيادة السياسية في المملكة، ممثلة بالملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان، وندعوهم إلى إيجاد البدائل الأمنية المناسبة التي تحفظ للمملكة هيبتها وعدلها وأمنها واستقرارها،وحتى لا يتحول القرار إلى كارثة أمنية أخرى تهدد السعودية ودول الخليج والعالم ،فالظلم ظلمات يوم القيامة.. والدهر فقيه.
*- مكرم العزب ..صحفي يمني