(تجربة إعلان الإدارة الذاتية في عدن)
بعض الأحداث التي تمر بنا أو القرارات التي نتخذها مهما كانت صائبة أو مخطئه علينا أن نستذكرها ونتعلم منها لأخذ العبر وتصحيح المسار وعدم الوقوع في الخطأ مرة أخرى.
عند اعلان الإدارة الذاتية وفرض حالة الطوارئ في الجنوب من قبل المجلس الإنتقالي في 26 ابريل 2020 كنا على يقين انها تجربة لن تنجح لأسباب عديدة أهمها عدم السيطرة التامة على جغرافيا الجنوب كاملة، ومعارضة التحالف (السعودية) لتلك الخطوة.
البعض يعتبرون الإعلان انه متسرع ولم يعلن في توقيت مناسب، وآخرين يرون انه تجربة لابد من خوضها لكشف المخبأ تحت الطاولة والوقوف على حقيقة نوايا التحالف حيال الجنوب.
كانت الظروف غير مهيأة لإعلان الطوارئ والحكم الذاتي حتى في عدن نفسها اما المحافظات الجنوبية الأخرى فكانت أوضاعها معروفة ولاتخضع لسلطة الإنتقالي في ذلك الوقت واصدرت بيانات ترفض هذا الإعلان.
من هذه التجربة التي رفضها التحالف أيضاً واجبر الإنتقالي على إلغائها في اتفاق الرياض يتضح لنا أن محاولة فرض أمر واقع دون بسط السيطرة الكاملة على الأرض أمر فاشل، ويجب تجنبه واستبعاده في الوقت الحاضر.
قيادة الإنتقالي الآن تسير بثبات (سواء اتفقنا أو اختلفنا معها) وكل خطواتها مدروسة بعناية تراعي وضع البلاد وتداخل مشاكلة وتحرص على كسب ود المؤثرين على الساحة داخليا وخارجيا.
هناك اتهامات كثيرة للإنتقالي بالتبعية وأنه مسلوب القرار والارادة من الخارج، ونعتقد انه في ظل الوضع الذي تعيشه البلاد لابد من فهم كل هذا الاتهامات والاشكالات المصاحبة لها، ومن الطبيعي اخذ المشورة والعون من القوى المؤثرة داخليا وخارجيا، ولابد لأي مكون أو حزب من داعم خارجي إضافة إلى القاعدة الشعبية وهذا ليس حكرا على مكون بعينه إنما على جميع الأحزاب والمكونات الموجودة على الساحة.
تجربة إعلان الإدارة الذاتية فشلت لأنها جاءت في توقيت غير مناسب وفي وضع غير مواتي لفرض حكم ذاتي بدون إيرادات وبدون سيطرة فعلية على كل المحافظات ومواردها، واداتها لفترة معينة قبل اعلان الإدارة الذاتية.
كذلك هناك عامل مهم جدا يغفل عنه الكثيرون وهو وضع البلاد تحت الوصاية الدولية (البند السابع) مما يحد من صلاحيات اي قرار يتخذ دون موافقة دولية والرجوع إلى مجلس الأمن الذي فرض هذه الوصاية بالإجماع.
نحن في الجنوب أمام وضع معقد جداً لابد من التفكير في كل خطوة نتخذها وبحذر شديد، فكل خطأ نقترفه سيعرقل مسيرنا نحن استعادة استقلال بلادنا المسلوب منذ 55 عام.
عبدالله سعيد القروة.. كاتب سياسي ـ شبوة
28 أغسطس 2022