الحوثي وسياسة حافة الهاوية

2022-12-23 04:23

 

سياسة الدفع بالأمور إلى حافة الهاوية ، أداة ضغط ومن ثم إجبار الخصم على التراجع.

هذا مايفعله الح وثي في إدارة ملف الصراع في اليمن ، حيث يجر الجميع إلى الخيار الصفري ، ولا يقدم نفسه بقدر كافٍ من المرونة الذي يستمع فيها للآراء الأُخرى،  يناقش ويقدم مقترحات أقل تصلباً وأكثر إنفتاحاً بحثاً  عن منطقة حل وسط. 

اليوم الخميس أكد رئيس مجلسهم السياسي المشاط ، أن لا تنازل عن إشتراطاته ،وأن لا حديث قابل للتعاطي البناء معه مالم يكن مؤسس على مطالب الحوثي ، الذي لا يظهر منها سوى رأس الجليد ، الموجه لعموم الناس أي صرف المرتبات من عوائد النفط والغاز ، وهي خلطة كلام  تلامس مشاعر الواقعين تحت ضغط الحرب، بمآلاتها الكارثية ومنها سياسة التجويع التي يتحمل الح وثي فيها قسطه الوافر  ، من خلال إحتكار بيع الوقود لصالح جماعته ، والإنتفاع الفاسد من الأوعية الظريببة  والهبات والإعلانات المخصصة للضعفاء ،وتوسيع نطاق الجبايات إبتداءً من التجارة التبادلية بين المناطق، وحتى جباية المجهود الحربي وحتى غلال الفلاحين بعد كل موسم حصاد ، ومواشيهم الداجنة .

لو كان الح وثي جاداً في التخفيف من معاناة المواطن لا الإتجار بها،  لرفع يده عن قوته وخبزه اليومي  والجبايات  المهولة المتعددة المفروضة بقهر السلاح وجبروت السلطة ، ولكنه لا يفعل ، ويظل ممسكاً بهذا الخطاب الهروبي لإخلاء ساحته من المعاناة الجمعية، ورميها بإتجاه الطرف الآخر ، في ما الحقيقة أن مطالب الح وثي تظل فرض أمر واقع جديد بقوة الإمر الواقع :

سفن النفط والوقود والتسهيلات الدولية ،وتدفقات المحروقات عبر موانئ الحديدة لنا ،وعوائد نفط الجنوب وغازه وبالشراكة والمناصفة أيضاً لنا ، وهي معادلة لا تستقيم في لغة حوار تبحث عن المشتركات ، وتؤجل نقاط الخلاف وخاصة في موضوع الثروات إلى مرحلة تالية.

المشاط في حديث اليوم يلوح بإستخدام القوة، ليس في مجال العودة إلى جبهات القتال الواسعة وحسب ، بل وبالضرب في الخاصرة الرخوة الموجعة للشرعية وللخارج معاً، أي إستهداف مكامن الثروات.

هنا يجب الإشارة إلى واقع مختل ماكان للح وثي أن يجاهر بمطالبه المستفزة،  لو لم يكن ميزان القوى أكثر ميلاناً لصالحه، ولو كان هناك توازن قوى ،لكان الملعب التفاوضي أكثر عدلاً ومعقولية لجهة المطالب المتقابلة والتنازلات المتبادلة.

السؤال الذي يعقب تصريح المشاط اليوم الخميس، أنت توجه خطابك لمن، وتفاوض من، وتقدم مطالبك لفرض التنازلات لمن؟

الإجابة عن هذا السؤال تكشف أنه يفاوض الخارج، ويخاطب وساطات الخارج، ويقدم مطالبه للخارج ،وكأن ليس هناك طرفاً مفاوضاً محلياً شرعياً يملك قراره وواجب التفاوض معه، وهو أمر حقيقي وإن كان صادماً وموجعاً.

الصراع في اليمن له طرف واحد داخلياً الح وثي، وأطراف دولية إقليمية مقررة متعددة، فيما الشرعية لم تغادر موقع جملة المبني للمجهول، أي الغائب الأكبر وغير المعني ربما إجبارياً بكل مايدور.

خالد سلمان

.