بعد ان شنت امريكا وحلفائها الغربيين الحرب القذرة ضد العراق في 20 مارس 2003 بحجة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي اتضح فيما بعد بأنها مجرد "اكذوبة امريكية صهيونية " الهدف منها "تدمير الجيش العراقي" كونه اكبر جيش عربي في الشرق الأوسط عدةً وعتاداً وتدريباً وامكانيات .
دُمر الجيش العراقي .. ولكن المؤامرة لم تكتمل .. فمازالت هناك مهام ومشاهد متوالية ضمن المخطط الأمريكي الصهيوني القديم الذي يقضي بضرورة تدمير ثلاثة جيوش عربية أساسية هي الجيش العراقي والجيش السوري والجيش المصري انطلاقاً من مقولة بن جوريون : " إن عظمة إسرئيل لا تقف عند إمتلاكها للقنبلة النووية بل بتدمير جيوش ثلاث دول هي : "العراق - سوريا - مصـر ".
فـ بعد غزو أمريكا للعراق وتدمير الجيش العراقي ، شعرت امريكا بأن سياستها العنصرية والتدميرية وما ارتكبته في حق العراق وشعبها من مجازر وانتهاكات لازالت مشاهده المؤلمة حاضرة حتى اليوم ولم تغب عن الذاكرة العربية ، وأن المواطن العربي قد قابل كل تصرفاتها بالغضب والاستهجان والكراهية ، وان الحقد على الامريكان قد تنامى وزداد بشكل مضطرد في الشارع العربي ، بأعتبارها الشر المطلق والوحيد ، مما عرض أمنها ومصالحها للخطر الدائم .
ولكي تتمكن من اكمال مخططها والحفاظ على مصالحها وهي بعيدة عن المشهد ودون تدخل عسكري مباشر منها .. عمدت الى استخدام ذكائها وعقليتها من خلال تهييج الشارع العربي ضد حكامه في ثورات اطلق عليها " ثورات الربيع العربي " ثورات التحرر الشعبية ، هدفها الظاهر التغيير والتحرر من الظلم والاستبداد للانظمة العربية المستبدة والاطاحة بالحكام العرب المستبدين ، وباطنها زج العرب في دوامة العنف والتقاتل فيما بينهم ، وتدمير انفسهم بايديهم ، وفتح جبهات للصراع والتناحر الطائفي والمذهبي ، واستنزاف الجيوش العربية في حروب داخلية ، ضمن مخطط الشرق اوسط الجديد ، الهادف الى تقسيم المنطقة العربية الى دويلات متفرقة ، والذي وجد أوباما ضالته فى الجماعات الأسلامية الذي تحالف معها وقدم لها كل اشكال الدعم والمساندة المادية والمعنوية للقيام بالمهمة ، وبما يضمن وصولها للسلطة .. لمعرفة امريكا ان وجود الأسلاميين في الحكم سيضمن لها تحقيق اهدافها الاستراتيجية في الشرق الاوسط الجديد " تحت مظلة ومباركة الشريعة الإسلامية " المدعاة والمفترى عليها كذبا وزرا , وسينهي صفحة الارهاب على بلدها ومصالحها ، وسيضمن لها عدم المساس بالأبنة المدللة اسرائيل وبقائها الدولة الأقوى في الشرق الأوسط على أرض فلسطين .
ومن ناحية اخرى تظهر نفسها بأنها نصيرة الاسلام والعرب والداعمة للديمقراطية والسلام وحرية الشعوب ..
قد يتوارد الى ذهن الكثيرين سؤال : كيف لأمريكا ان تدعم الحركات والتنظيمات الاسلامية والجهادية والمتطرفة وهي تتصدى وتدين ومن ورائها الدول الأوروبية الإرهاب والارهابيين وتعتبرهم بالأساس العدو الأول لها ؟.
الإجابة ببساطه : الواقع والتاريخ يثبت إن كل التنظيمات والحركات الإرهابية والجهادية والمتطرفة هى بالأساس ادوات من صنع امريكا والغرب هو من يرعاها ويوفر لها التربة الخصبة للنمو ، بما فيها جماعة تنظيم الإخوان المسلمين ، التنظيم العالمي الذي يعتبر الأب الروحي لكافة حركات واحزاب التشدد الاسلامي في العالم .
وللتأكيد على عمق التحالف الذي يربط بين امريكا والجماعات الاسلامية وعمالتها لأمريكا بكل ما تحملة كلمة العمالة من معنى ، عليه ان يرجع بذاكرته قليلاً ليتذكر ما حدث بعد سقوط العراق ، ليجد ان أول عمل قام به الحاكم العسكري "بريمر" وفور تعيينه مباشرة هو حل ما تبقى من الجيش العراقي ، وتأسيس مجلس للحكم وكان "الإخوان" من أهم مكوناته ..
ثم يعرج على المشهد في سوريا اليوم ليجد انه يتم إستنزاف الجيش السوري ، "والإخوان والمتطرفين والجهاديين" ركن من أركان المؤامرة على الجيش السوري وبدعم امريكي .
ثم ينظر للمشهد المصري وما يجري اليوم ، ليرى حجم الصدمة التي اصابت امريكا والغرب من جراء الإطاحة بحكم مرسي والاخوان المسلمين ، وتصريحات امريكا والغرب النارية ضد الحكومة المصرية المغلفة بالتهديد وقطع المعونات تارة ، وبالديمقراطية وحقوق الانسان تارة اخرى لكي يداروا اعترافهم بهزيمة الاخوان والإسلام السياسى فى العلن ، مع أنهم متأكدون أن الهزيمة والعار قد غطت رؤوسهم ورؤوس جماعات الأخوان عندما تمكن الجيش المصري العظيم من كشف اللعبة القذرة للإخوان ومخططهم الفاشل والهادف للقضاء على الجيش المصري وبدعم امريكي .. واستطاع وبتعاون والتفاف الشعب المصري حوله من تدارك الأمر في حينه وبالضربة القاضية .
* شفاء الناصر