*- شبوة برس – هاني مسهور
عاد أحمد، نجل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، إلى واجهة الأحداث في اليمن مجددًا بعد رفع العقوبات الأممية المفروضة عليه منذ نحو عشر سنوات. هذا التطور أثار العديد من التساؤلات والجدل في اليمن، خصوصًا أنه يأتي في خضم تغييرات محلية ودولية جديدة، ما فتح نافذة للتكهنات حول المستقبل القريب.
أسباب فرض العقوبات
فرضت العقوبات على أحمد صالح من قبل الأمم المتحدة لأسباب عديدة، أبرزها عرقلة الانتقال السياسي في اليمن، والتحالف مع جماعة الحوثي. تضمنت هذه العقوبات منعه من السفر وتجميد أمواله، وذلك بعد مقاومته الشديدة لعملية التغيير التي أتاحتها الثورة الشعبية التي أطاحت بوالده، والتي أدت إلى انعقاد مؤتمر الحوار الوطني ووثيقته المعروفة.
محاولات إلغاء العقوبات
ظل أحمد صالح على مدار السنوات الخمس الأخيرة، منذ مقتل والده على يد جماعة الحوثي في ديسمبر 2017، يسعى لإلغاء العقوبات عليه، لكنه أخفق في كل مرة، وجرى تجديدها عامًا بعد آخر. مع إزاحة الرئيس عبدربه منصور هادي من منصبه في أبريل 2022، من قبل السعودية، وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي الذي يضم شخصيات محسوبة على نظام صالح، تجدد الأمل لدى نجل صالح في التحرك لطلب رفع العقوبات، خاصة أن مطلب الرفع يتطلب موافقة السلطة المحلية التي طالبت بفرضها. ولذا، كان الرئيس هادي يرفض الاستجابة لهذا الطلب، لكن مع إزاحته، تولى مجلس القيادة الرئاسي التحرك في هذا الجانب.
الترحيب والدور الخارجي
تلقى أعضاء مجلس القيادة الرئاسي والشخصيات المحسوبة على صالح الخبر بترحيب كبير، في حين توجه أحمد صالح بالشكر لمجلس القيادة الرئاسي في خطاب له عقب رفع العقوبات.
الدور الخارجي، وتحديدًا من السعودية والإمارات، كان واضحًا في هذه العملية، حيث عبر أحمد صالح في أول خطاب له بعد رفع العقوبات عن شكره لهاتين الدولتين. وسائل الإعلام في السعودية والإمارات احتفت بالخطوة، ما يشير إلى دورهما في إزالة نجل صالح من قائمة العقوبات، سواء بشكل مباشر أو عبر الضغط على مجلس القيادة الرئاسي.
تأثير إعادة إنتاج نظام صالح
لعبت السعودية دورًا كبيرًا في إعادة إنتاج نظام صالح وتقديمه للواجهة في اليمن منذ مقتل صالح، عبر سلسلة من القرارات التي دفعت الحكومة لاتخاذها، مما ساهم في تصعيد الشخصيات الموالية لصالح إلى مناصب حكومية رفيعة في الجانب المدني والعسكري والدبلوماسي.
رغم هذا الدعم، فإن العودة المفاجئة لأحمد صالح أثارت انقسامات في اليمن. بعض الأطراف رأت في ذلك خطوة للتسامح والتسامي عن الماضي، بينما رآها آخرون جزءًا من ترتيبات مستقبلية في اليمن، حيث سيكون أحمد صالح طرفًا فاعلًا فيها. وهناك من اعتبرها مجرد خطوة شخصية، خاصة بعد انعزال أحمد عن المشهد العام في اليمن وفقدانه لعوامل التأثير.
ترحيب غير متوقع من بعض الأطراف
الأمر اللافت في هذه العودة هو ترحيب بعض الأطراف التي كانت تعتبر أحمد صالح عدوًا، مثل نائب الرئيس السابق علي محسن الأحمر وحميد الأحمر وقيادات في حزب التجمع اليمني للإصلاح. هؤلاء برروا موقفهم برغبتهم في إسدال الستار على الماضي والتوحد في جبهة واحدة ضد جماعة الحوثي.
خطاب أحمد صالح
غير أن خطاب أحمد صالح بعد رفع العقوبات أثار ردود فعل متباينة، حيث افتقد إلى تلخيص ملامح المرحلة المقبلة ولم يتطرق للحديث عن والده، ما خيب آمال البعض من أنصاره وأراح خصومه.
أحمد صالح، الذي لا يزال يحمل صفة السفير نظرا لتعيينه سفيرًا في دولة الإمارات من قبل الرئيس السابق هادي، يجري تقديمه أيضا كنائب لرئيس حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء. هذا المنصب التنظيمي حصل عليه بعد مقتل والده، لكنه لم يمارس مهامه التنظيمية. يُعتبر هذا الوضع علامة رضا من جماعة الحوثي على شخصيته، وعدم ممانعتها لأي دور يلعبه.
الحقائق المؤثرة اليوم
لكن الوضع اليوم في اليمن يشير إلى العديد من الحقائق المؤثرة. هناك انقسام واضح في حزب المؤتمر الشعبي العام بين نسخته في صنعاء ونسخته خارج اليمن، إضافة إلى توجه العديد من قياداته نحو نجل شقيق صالح، طارق، الذي يمتلك تشكيلات عسكرية ومساحة جغرافية يتحرك بها، خلافا لوضع أحمد علي المجرد من عوامل القوة.
السؤال حول العودة إلى السلطة
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يمكن أن يعود أحمد صالح إلى السلطة؟ بعد فوضى الربيع العربي عام 2011، التي رفضت التوريث وكان هذا الملف محركا مهما للفوضى، تبدو الإجابة غير محسومة. ولكن يمكن التطرق إلى مؤشراتها وقراءة ملامح اللحظة الراهنة. قد يكون هناك دور مستقبلي لأحمد صالح، لكن هذا الدور إن حدث فسيكون مفروضًا من قوى خارجية، خاصة السعودية التي تتحكم بالقرار اليمني.
تسوية سياسية محتملة
في النهاية، تظل عودة أحمد صالح إلى واجهة الحكم في اليمن مرتبطة بتسوية سياسية، ما يعني أنه سيعمل في نظام جديد يكون الحوثيون جزءًا منه. هذا يثير تساؤلات حول مدى قدرته على لعب دور مؤثر وفاعل، في ظل التحديات والمتغيرات الراهنة.