بين مفهومي "استعادة الدولة" و"فسخ العقد" تتقاطع السياسة بالقانون، ويلتقي التاريخ بالواقع، في لحظة فارقة من عمر الشعوب الباحثة عن تقرير مصيرها وإعادة رسم خارطتها السياسية.
إن مصطلح استعادة الدولة لا يُعد شعارًا عاطفيًا ولا مزايدة سياسية، بل هو تعبير دقيق عن إرادة شعبية تستند إلى حق قانوني وتاريخي في استعادة كيان سياسي كان موجودًا ومعترفًا به دوليًا قبل أن يدخل في وحدة طوعية أو قسرية مع طرف آخر. هذا المفهوم لا يعني الانفصال من كيان لم يكن موجودًا أصلًا، بل يعني استعادة سيادة دولة قائمة قبل الوحدة، وهو ما ينطبق تمامًا على الحالة الجنوبية. لقد دخل الجنوب في وحدة مع الشمال عام 1990، ولكن سرعان ما تم تقويض أسس هذه الوحدة وتدمير روح الاتفاق بتحولها إلى وحدة ضم وإلحاق بالقوة العسكرية، كما جرى في حرب 1994، ما يجعل من الاستعادة عملاً مشروعًا وفقًا لقواعد القانون الدولي، لا سيما مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير.
إذا اعتبرنا اتفاق الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية عقدًا سياسيًا دوليًا، فإن القواعد العامة للعقود تسري عليه من حيث التزامات الأطراف ومبدأ حسن النية. وحينما يُخل طرف ببنود العقد، أو يستخدم القوة لفرض أمر واقع، فإن الطرف الآخر يملك حق فسخ العقد. في القانون، العقد يُفسخ إذا اختل التوازن أو تم الإخلال الجوهري بالاتفاق. وفي السياسة، فسخ العقد قد يعني العودة إلى الوضع السابق على الاتفاق، أي عودة الجنوب إلى وضعه كدولة مستقلة ذات سيادة.
لا يكفي أن نرفع شعارات سياسية دون أن ندعمها بمنطق قانوني متين. الجنوب بحاجة إلى خطاب قانوني دولي مؤطر، يُعيد تقديم قضيته ليس فقط بوصفه ضحية، بل كشعب يُمارس حقه في إنهاء وضع غير قانوني وغير شرعي، بعد أن نُقض الاتفاق وأُسقطت الدولة الجنوبية بالقوة. وهنا تبرز أهمية توثيق كل الانتهاكات والجرائم والانحرافات التي طالت الجنوب، ومخاطبة العالم بلغته: لغة القانون الدولي العام