رُميتُ ببصري في أرجاء عدن، فرأيت مدينةً تُختزل، وتُختنق، ويُراد لها أن تُدار بمنشور لا يُشبهها...
عدن التي أنجبت أول مدرسة، وأول صحيفة، وأول قانون، تُختزل اليوم في مقولة جاهلة: "عدن هنود وصومال"...
يا لسخرية القدر!
عدن ليست محطة لوافدين، بل مصنع هويات.
كل من دخلها، دخلها غريبًا... وخرج منها عدنيًّا.
صهرتهم في بوتقتها، وصنعتهم على مقاس التمدن، وشَرِبوا من طبعها، لا العكس.
اليوم، يتهافتون على ثقافة عدن وفنونها وتاريخها، لا حبًا فيها، بل بحثًا عن مواسم حصاد، وعن مكاسب عابرة.
كأن التاريخ سلعة، وكأن عدن غنيمة.
فيا سادة العبث، عدن لا تُؤمم، ولا تُختصر في لون أو لهجة.
عدن فكرة، وعدن ذاكرة، وعدن روح دولةٍ قادمة من رحم الرفض.
وأن تقولوا عنها "صومال وهنود" لا يُنقص من تاريخها، بل يكشف جهلكم بمعناها.
عدن لن تعيش في خطابكم، لكنها تعيش في قلوب أبنائها...
وتنهض كلما خذلها العابرون.
عدن لا تُحكم، بل تُحترم
لا تُصادَر، بل تُفهم
لا تُختزل، بل تُقرأ بذاكرتها
مدينة من نور، ومدينة من حقّ.
عدن ليست بندرًا… بل بندقية وعي.
عدن لا تموت، بل تُبعث كل مرة، أنقى وأشدّ حضورًا.
#عدن_الهوية
#عدن_للجنوب
#عدن_مدنية_لا_قبلية
#بقلم_جسار_فاروق_مكاوي
محامٍ – كاتب رأي