عقابًا وتأديبًا للإرهاب: لماذا حُرم الجولاني من شرف زيارة مصر؟

2025-11-02 22:28
عقابًا وتأديبًا للإرهاب: لماذا حُرم الجولاني من شرف زيارة مصر؟
شبوه برس - متابعات - اخبارية

 

شبوة برس – جريدة مصر تايمز

في الوقت الذي قامت فيه مصر بافتتاح أعظم الصروح الحضارية في التاريخ الإنساني — المتحف المصري الكبير — تساءل البعض عن سبب غياب الدعوة الرسمية لما يُسمّى اليوم بـ“زوريا الجولاني”، تلك الجغرافيا الممزقة التي لم تعد تمثّل دولة، بقدر ما أضحت مسرحًا لتجارب استخباراتية ومشاريع تكفيرية بواجهات سياسية.

 

منذ فجر التاريخ، لم تساوم مصر على هويتها ولا على ثوابتها، فهي الدولة التي واجهت الإرهاب بوعي الدولة لا بانفعال اللحظة. وموقفها من التنظيمات الإرهابية لم يكن تكتيكًا مرحليًا، بل عقيدة وطنية راسخة تقوم على رفض كل كيان أو شخص أو سلطة تتكئ على فكر تكفيري دموي، أو تتغذى من مشاريع الخارج.

 

لذلك، فإن استبعاد وحرمان ما يُعرف بـ“الشرع” أو “الجولاني” — زعيم جبهة النصرة سابقًا، المدرج على قوائم الإرهاب الدولية — من المشهد الرسمي، ليس قرارًا سياسيًا عابرًا، بل هو تأكيد على أن مصر لا تعترف بشرعية مصنوعة في غرف المخابرات، ولا تشرعن كيانًا أُقيم على أنقاض وطن اسمه سوريا.

 

المتحف المصري الكبير ليس مجرد مبنى أثري، بل هو رسالة حضارية للعالم: أن مصر تصون التاريخ، بينما غيرها حطّمه باسم الدين. فمن يحكم دمشق اليوم عبر ذراع أمريكية خليجية إسرائيلية، هو وريث فكرٍ كان أول من حطّم تماثيل بوذا في باميان، وأول من كفّر الفنون والآثار وكل ما يمتّ للهوية الإنسانية بصلة.

 

كيف يمكن لمصر — التي تنحت الجمال منذ آلاف السنين — أن تدعو من يرى في الحجر شركًا، وفي التمثال كفرًا، وفي التاريخ جاهلية؟!

 

الواقع الزوري اليوم يُدار بتعليمات لا تمتّ للشعب السوري بصلة، ولا تعبّر عن إرادة وطنية. فـ“زوريا الجولاني” ليست سوريا التاريخ، ولا سوريا العروبة، بل مشروعٌ غامض الهوية تحركه مصالح القوى التي تسوّق الإرهاب في ثوب “البديل المعتدل”.

 

ومصر، التي حاربت الإرهاب على أرضها ودفعت ثمن مواجهته دمًا، لن تكون طرفًا في تلميع صورة من لوّث تاريخ بلاده بالدماء، ولا شريكًا في الاعتراف بشرعية زائفة تُدار من وراء البحار.

 

في النهاية، مصر لا تُقصي أحدًا إلا من أقصى نفسه عن القيم، ولا تستثني دولة إلا حين تفقد الدولة معناها. وطرد “زوريا الجولاني” من افتتاح المتحف المصري الكبير ليس موقفًا ضد الشعب السوري، بل احترامًا لتاريخه الحقيقي الذي شوّهته التنظيمات الإرهابية، وصونًا لرسالة مصر الحضارية:

أن من يعادي التمثال لا يحق له أن يشهد ولادة متحف، ومن يحطم التاريخ لا يليق به أن يجلس في حضرة المصريين.