عندما تصبح الصورة ذاكرة وطن راصدة لتاريخه تكون بذلك قد حاكت خيوطها بين ظلال الزمن البعيد وفلاشات الحاضر الباهت، صورة تسجل مشهد تاريخي للرئيس سالم ربيع علي، الذي عرف بين رفاق نضاله بـ (سالمين) أيام الكفاح المسلح للخلاص من الاحتلال البريطاني لأرض الجنوب العربي، فلازمه اللقب في فترات حياته وعرف به حتى يوم رحيله.
صورة الزعيم ( سالمين ) كما كان يناديه الجماهير الغفيرة دون تكليف وبعيداً عن البروتوكولات الرسمية لتزده هذه الصفه تقرباً إلى البسطاء من العمال والفلاحين والصيادين.
صورة ترصد مشهد تاريخي أثناء زيارته لحضرموت في منتصف السبعينيات، يظهر على يساره عبدالله صالح البار سكرتير التنظيم السياسي للجبهة القومية بحضرموت يومئذ، وتبدو جلية بساطة اللقطة ومن فيها بدءاً بالرئيس (سالمين) وانتهاء بالمواطن الحضرمي (الصياد) الذي لا يفصله عن صدر الزعيم إلا سنتيمترات وحارس واحد ممتشق سلاحه الآلي على كتفه بلباس مدني وهو حارسه الشخصي، وحارسان أمنيان من أبناء حضرموت يتبعان سكرتير التنظيم ( البار ).
صورة تعيدك إلى تلك المشاهد التي لم تزل عالقة من أذهان أهل المكلا، وتحديداً، مقهى الصيادين المحاذي لسوق السمك بحي العمال، وكيف فاجا ( سالمين ) رواد ذلك المقهى في صباح مكلل بالهدوء والسكينة والأمن والأمان وهو ( الرئيس ) بلباسه ( السباعية الحضرمية، والحبية على كتفه ) وقد تسلل بوقار إلى ركن من أركان تلك المقهى وجلس دون أن يشعر به أحد أو يلتفت إليه حتى عرفه بعض مرتادي المقهى فالتفت حوله الناس فلم بزجرهم حراس ولا قوات مكافحة الشغب ولا حماية صاحب الفخامة الرئيس، وبقي يتبادل أطراف الحديث لأكثر من ساعة ويفصل في قضاياهم ومشاكلهم واحتيجاتهم حتى صار الشارع مزدحماً بالجماهير التي تحاول السلام على يد الرئيس (سالمين).
صورة تستعيد حقائق من تاريخ مضى كان الرئيس ( سالمين ) محباً لحضرموت ويدين لها بفضل دراسته في منتصف خمسينيات القرن الماضي زمن السلطنة القعيطية وفهمه لطبيعة أهلها وجنوحهم للسلم والوداعة ونبذ مظاهر العنف.
صورة من صور التاريخ التي لن تتكرر – كما يبدو – في المدى القريب لقد جرت في رمال الجنوب عامة وحضرموت خاصة الكثير من الأحداث والتلقبات والمنعطفات التي تعيد هذه الصورة إلى ذاكرة الوطن، وتحيل إلى زمن هيبة للدولة وشعبية للرئيس، إن اتفقنا مع تلك المرحلة وإن اختلفنا، فتلك حكاية صورة الزعيم ( سالمين ) وهو يهم بكتابة ملاحظاته على حديث المواطن البسيط.
وتبقى للصورة زوايا وظلال فليلتقطها من أراد!.
#سندبايعشوت