منذ سنوات، يعيش أبناء الجنوب في دوامة من الأزمات المتلاحقة التي انعكست على حياتهم اليومية، فأصبحت الكهرباء أزمة دائمة، والرواتب متقطعة، والخدمات غائبة، والغلاء يلتهم ما تبقى من قوت المواطن. وفي وسط هذا المشهد القاتم، تشكلت شراكة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية، على أمل أن تشكل هذه الشراكة مخرجاً للأزمة، أو على الأقل بارقة أمل تخفف من معاناة الناس.
لكن الحقيقة التي لم يعد بالإمكان إنكارها أن هذه الشراكة أثبتت فشلها الذريع. فلم تُقدَّم حلول عملية، ولم يُلمس أي تغيير إيجابي، بل ظل الجنوب وأبناؤه رهائن لصراعات سياسية، ووعود لا تجد طريقها إلى التنفيذ. المواطن الجنوبي لم يعد يملك رفاهية الانتظار، فقد أرهقته الأزمات حتى العظم، ولم يعد يهمه سوى من يمد له يد العون بالفعل لا بالقول.
إن الوقت قد حان لتجاوز هذه المعادلة الفاشلة، وفرض واقع جديد ينطلق من الداخل الجنوبي، ويصب مباشرة في مصلحة أبناء الجنوب. واقع يركز على:
إدارة الموارد بما يخدم المواطن لا جيوب الفاسدين.
تعزيز الأمن والاستقرار بعيداً عن التجاذبات السياسية.
بناء مؤسسات جنوبية قوية قادرة على تلبية احتياجات الناس.
إطلاق مشاريع تنموية وخدمية ملموسة تعيد الثقة بين القيادة والشعب.
لقد أثبتت التجارب أن الشراكة مع أطراف لا ترى في الجنوب سوى غنيمة لا يمكن أن تثمر إلا المزيد من الخيبات. لذلك فإن المسؤولية اليوم تقع على عاتق القيادات الجنوبية لتصحيح المسار، والتوجه نحو مشروع وطني خالص، تكون فيه مصلحة المواطن الجنوبي هي البوصلة الأولى والأخيرة.
إن فرض واقع جديد ليس خياراً ترفياً، بل هو ضرورة وجودية، فإما أن نمتلك قرارنا ونبني مستقبلنا بأيدينا، أو نظل أسرى لشراكات أثبتت فشلها وأضاعت أعواماً من عمر هذا الشعب الصابر.