"علي عنتر".. الجاهل غير المتعلم صانع المشاكل في القومية والاشتراكي

2025-10-02 10:38
"علي عنتر".. الجاهل غير المتعلم صانع المشاكل في القومية والاشتراكي
شبوه برس - خـاص - عــدن

 

**شبوة برس – سعيد علي عولقي**

علي أحمد ناصر البيشي، واسمه الكودي "عنتر"، كان رجلاً مثيراً للجدل؛ ذكيًّا فطريًّا، ومناضلاً صلبًا شجاعًا مقدامًا إلى درجة التطرف والاندفاع، ومتقلب المزاج إلى حدٍّ مثير للحيرة.

 

من سوء حظه وحظنا أنه كان يفتقر إلى التعليم والدراسة، وحتى التثقيف الذاتي. ربما كان ذلك يفسر شدة اندفاعه، وانعدام رغبته في التأمل والتروي والصبر والأناة، مما جرّ على البلاد ما عانته من ويلات ومصائب، كونه لعب دوراً محورياً في مصيرها وارتجال التجارب التي مرت بها.

 

كان أقدر على تقلّد المنصب الأول في السلطة، لكنه كان يفضل تحريك المصائر وتوجيه الدفة خلف رجلٍ غيره، يوافق مزاجه ويُلبي طموحاته التي تُلبى دائماً ولا تُرد، وكأنها القضاء والقدر.

 

وقد بُعث للدراسة في أكاديمية عسكرية بموسكو، وكانت فرصة ذهبية لأقرانه للخلاص منه وقتها، لكن أحداً لم يجرؤ أبداً على فعل ذلك، ربما لعدم اتفاق غيره على رأي، وربما لعدم امتلاك غيره القدرة على المبادرة مثله.

 

وقد كان هدفاً مفضلاً للعامة لنسج النكات السياسية ضده، وكان -رحمه الله- يتقبلها بروح رياضية عالية، بل وحتى يضحك منها أو يسعد بها. وهي نكات كثيرة جداً لم تكن تنقطع، أذكر منها واحدة أضحكته كثيراً، حيث قيل إن السوفييت وضعوه في فصل دراسي خاص لوحده، فلما امتحن جاء ترتيبه الثاني!

 

كانت المقادير تعد للبلاد جولة دامية أخرى من جولات الدم، تصدر فيها دوراً رئيسياً ليكون ضحيتها الكبرى.

 

لم يسأم من لعب دور "صانع الرؤساء" ومهلكهم، وقام بالاستعداد لجولة قادمة من تغيير الرئاسة.. فواصل بعث الرسل إلى عبدالفتاح في موسكو للتهيئة لقبوله بالعودة، و"عفا الله عما سلف"!

 

وفي رغبته الخطيرة تلك بمواصلة تغيير الرؤساء، والتي يبدو أنه قد أدمنها إلى درجة الهوس، كان وقتها نائباً للرئيس علي ناصر محمد، ويجمع حوله جماعة يناوئ بهم سلطة علي ناصر تمهيداً للإطاحة به. كان يتتبع خطاه حيثما يروح كقصاص الأثر، ويخطب في الناس خطباً معاكسة للخطب التي يلقيها علي ناصر، وهكذا في سعي محموم للإطاحة بعلي ناصر، الذي استقر قراره على وجوب الخلاص منه ومن أتباعه.

 

ولم يدخر وسعاً في الإلحاح على عبدالفتاح إسماعيل بالرجوع ليسلّمه السلطة الكاملة التي أطاح به سابقاً من على رأسها. في زيارة خارجية لعلي ناصر إلى موسكو، قابل "فتاح" هناك فطلب منه أن يأخذه معه للعودة التي استقر رأيه عليها. حاول علي ناصر أن يثنيه عن عزمه، مؤكداً له أن ظروف عودته الآن غير مناسبة أبداً. وتدخل السوفييت الذين لم يحاولوا نصيحة "فتاح" بعدم الرجوع في الظروف الراهنة.

 

فطلب من علي ناصر أخذه معه على مسؤوليته، لمواجهة أي مصير ينتظره، إلى درجة أنه طلب الرجوع ولو متنكراً بلباس طاقم الطائرة.. لكن علي ناصر أصر على عدم أخذه معه.

 

وبعد مدة ليست طويلة، قبيل انعقاد المؤتمر العام للحزب، دبّر "فتاح" رحلة رجوعه بمساعدة الرفاق في عدن.. ولقي في عودته استقبالاً حاشداً منقطع النظير، لم تنقطع فيه زيارات المستقبلين له لعدة أيام على التوالي!

 

وتشكلت بذلك ملامح فريقين يتنازعان على حكم البلاد، بالطريقة المعتادة في حكم البلاد بالطراز المعتاد للجبهة القومية التي أصبحت الحزب الاشتراكي اليمني.

 

*كاتب سياسي ومسرحي