حكاية الرئاسي وكل دجاجة على مرعاض

2025-11-17 21:04

 

مساوئ السياسة وأوجاعها كثيرة، ولكن ليس على السياسيين وخبثهم، بل علينا نحن الأبرياء والبسطاء من الناس والذين يكتوون بنار هذه المساوئ ويتجرعون العلقم المر بسبب تصرفات وخلافات وأذى من يقومون على هذه السياسة القبيحة التي طابت لهم.

 

وإذا ما عددنا ما بنا من أوجاع وجراح ساقها لنا السياسيون الفاشلون الممسكون برقابنا من حيث غياب الحلول والمرتبات وكثرة الخنق وحوادث الطرق وظاهرة القتل من دون سبب، وانفلات الأمن كل هذه المظاهر السيئة هي ما تبدو أمامنا حيثما اتجهنا أو سكنا، وهي وبصدق مخرجات اللا دولة ومجلسها الرئاسي العقيم إذ كل شيء مدمر فينا ولاوجود لما يبشر بخير على المدى القريب والمتوقع، فالأزمة تزداد فتكًا فينا ولا إمكانية لوقف تمددها، بل انفلاتها الذي غدا خارج السيطرة ولا يوقفه أحد.

 

من مساوئ ومخرجات الوضع الراهن أن كل المحافظات مدمرة وكأنما خرجنا من تحت قصف نووي أتانا بياتا دون أن نحس به، ما الذي تبقى لنا سليما، خذ في محافظة أبين ماهي الدولة التي تديرها وماهي مساحة هذه الدولة هناك، لا شيء ولا تشعر أن هذه المنطقة تخضع لنظام دولة إذا ما وجدت هذه الدولة في مكان ما من البلاد وتحت رعاية الشرعية، كل شيء ممزق وحروب وإرهاب وتقطعات وجوع والناس إما رعاة أغنام أو هاربين في خيام وكلا معه حواجز للجباية مرة أو حواجز للمعيشة مرة أخرى.

 

ومثلها ما نراه في بعض مناطق شبوة ماعدا العاصمة عتق التي تنشط فيها الحياة نهارا وتختفي مساء، وكلا يترصد بحثا عن ثأره أو الانقسام ما بين موالاة هنا وموالاة هناك وكلا في خلاه، وزادت قرارات الرئاسي إغلاق الموانئ ليفتح مجال للتهريب وتعطيل جهود المحافظ الناجح ابن الوزير هناك.

 

محافظة المهرة غدت وكرا خطيرا لتهريب الحشيش وهي ممر دولي من البحر إلى البر والصحاري، وصارت هذه المنطقة في ظل غياب وركود دولة الشرعية مصابة بظاهرة الاختلالات التي من الصعب أن تتخلص منها في الوقت القريب، فرجال العصابات والمهربين وكل من يثري ويتعيش من طريق التهريب صار يحمي هذه المسالك ويستقطب كل من له رغبة فيه، ورغم تخمة القوات العسكرية هناك وتدخلات سلطنة عمان الخفية إلا أن مسألة المخدرات ومعابرها غدت أمرا مسلمًا به ولا يوقفه أحد رغم المحاكمات والملاحقات التي تتم وما تسببه من متاعب للسلطة المحلية وجهودها هناك.

 

وفي حضرموت الوادي والصحراء يظهر صراع آخر يتجسد في معابر التهريب التي يتفنن بعض في إحكام قبضته عليها وجعلها من مصادر الثراء والتكتل لمجاميع تعجز السلطات عن مواجهتهم أو تتكلف خسائر جسيمة لا طاقة لها بها، وافتعال المصادمات للعناصر المسلحة التي تظهر وقت الحاجة وتختفي في رمال الصحراء حينما تشاء وكيفما تشاء ودونما المساس بحياة المدن ولا المواطنين تفاديا لعدم الاحتكاك والتصادم في امر لا مبرر له وهو قضم لأمن حضرموت ونجاحه رغم أنف المجلس الرئاسي وخداعه.

 

كل هذا تحت ظلال الشرعية ومجلسها الرئاسي الذي لا يهش ولا ينش، وفي غياب الحكومة التي تقطن خارج عدن وفي عواصم الجوار ومدينة لازالت تعاني من غياب الكهرباء والأمن، وتديرها عصابات سياسية أو قبلية أو مليشيات تحمل السلاح وتدخله في عدن وضواحي عدن الأمر الذي لم يعد خافيا ولا منكرا ومن ملامح الفوضى والانهيار الحكومي والسلطوي وغياب الدولة .

 

أين نحن مما وصلنا له من سقوط وتدهور، وبلغنا من هذا السقوط درجة لم يسبق أن وصلها غيرنا، ربما شهدت بعض البلدان مآسي ومصادمات ومذابح مثل أفريقيا الوسطى ورواندا، لكن لم تطول ازمتهم فقد أمسك أبناء هذه البلاد بيد أوطانهم ونهضوا بها وتجاوزوا كل الخلافات والتشظي، واتحدوا في وجه التمزق وجعلوا من بلدانهم مثال يحتذى به في النهضة والسلم والتآخي، ونحن أهل الحكمة والتاريخ أين حكمتنا، ومن أي باب سنخرج من أزمتنا، أم أننا سنغرق في بحر المخدرات والصراعات، وتحت عنوان كبير دولة اللادولة وكل دجاجة على مرعاض.