صراع الإيرادات بين النفوذ والنقود

2025-11-26 20:11

 

هناك صراع محتدم يدور في الخفاء، وحرب باردة غير مرئية في شأن مسألة الإيرادات التي وضعت كأساس ومدخل لنجاح عمل الحكومة التي لم تشكل بعد وتعزز من مكانة رئيس الوزراء الذي تبنى موضوع تصويب العمل الإيرادي وإعادة ضبط الدفة في سفينة الحكم في ظل مواجهة عنيفة لأمواج عاتية ليس من السهل تجاوزها وليس الأمر ما يخص هذه الموارد التي تتبخر وتنهب وتخفى فحسب، بل هو جوهر الدولة التي على أساسه تستقيم ويقوى عودها وتصل يدها إلى أبعد مكان من خلال ضبط الموارد والصرف وانتظام المرتبات لموظفي وجيش الدولة والميزانيات التشغيلية التي تكاد تكون معدومة ولا تتوفر بشكل يظهر قوة وهيبة الدولة.

 

هناك خلافات من الضروري أن تظهر ويصطدم بها السيد سالم بن بريك وكذا يتمسك بها رئيس الدولة الدكتور رشاد العليمي ومن خلف هؤلاء مراكز القوى وكل من حلف اليمين أن كشف الإعاشة لن يمس، وأن ما يصلهم من مصروفات لن يتعطل خط سيره ما بين عدن وحيث يقيم كل هذه الأقوام المستهلكة لبعض الموارد شئنا أم أبينا.

 

من واقع الحال أن يقف الرئيس في وجه المساس بصلاحياته وألا يرضى أن تنتقص مكانته في ظل ما اتخذت من إجراءات حول ضبط الصرف في البلاد وإن فشلت مسألة خفض الأسعار واشتعلت الأسعار من جديد وولعت كما نعلم ونرى، ومن هذا المنطلق فإن ما ينتظر رئاسة الحكومة الكثير من المتاعب والمصاعب والرفض أيضًا لما تم في بيان الرئاسة الأخير حول مسألة ضبط وتوريد الإيرادات وإغلاق بعض الموانئ التي تدر دخولات للمدن التابعة لها وتوسع الخدمات والمعيشة للسكان هناك، وهو ما أظهر كثيرًا من التبرم لدى السلطات المحلية في المحافظات ورفضته بوضوح أو من خلف الستارة في كل من حضرموت والمهرة، وشبوة ولن يطبق الإغلاق إطلاقًا وإذا ما ضغطت الحكومة بشأن الموانئ المعنية الشحر ونشطون وقنا ورأس العارة، فإن هذه السلطات قد تتمرد على المركز ومن المؤكد أن أزمة أو انقلاب أبيض أو أحمر قادم على الأبواب وحان وقته.

 

هناك صراع ما بين النفوذ والنقود، وما بينهما مراكز ومواقع الجبايات غير الشرعية وما يدخل الحسابات الخاصة أو يسترزق منها البعض من موظفين وعسكر وهم غلاظ شداد ويحرسون هذه المراكز بقوة وعيون مفتحة ولن يسمحوا أن تزال هكذا من دون حلول تعوضهم عن الجباية التي اعتادوا عليها.

 

وقت الصراع الجاري ليس مناسبا ولا مقبولا ما بين أقطاب الحكم ولا جدوى من الاجتماعات والخطابات الخاوية، فالوقت يحتاج أن نوحد جهد الضبط والربط في شأن الموارد وفتح أفق التصدير للنفط وانتظام المرتبات وأن تنجح المسألة الجوهرية للدولة، بعيدًا عن النزاعات التي تدور الإشاعات حولها وخفايا موارد مأرب والوديعة والصناديق الأخرى التي يعلمها رئيس الوزراء بحكم خبرته السابقة، يحتاج الأمر برويستريكا يتكاتف فيها القوم وتتحد النوايا لنجاح ما يمكن إذا أمكن، أما على طريقة الفقر وغياب أو فشل معركة الموارد فإن الحديث هنا يشبه ذلك المثل الذي يقول (ماشي عشاء قال كزوا في تنارين) وليس أمام الحكومة إلا أن تكسر الحواجز إذا ما استطاعت لذلك سبيلا، وإذا ما أظهر الأمر أن معركة الموارد ذاهبة للفشل، فإن الاعتراف به فضيلة وينطبق هذا على المجلس الرئاسي ومجلس الوزراء، وقد سبقهم مجلس النواب وأعلن فشله من سنوات، وليرحم الله الجميع وكرامة الميت دفنه.