كل شيء بالميزان يا شاطر

2025-07-18 20:56

 

كثيرًا ما نسمع تلك الأغنية الحضرمية التي تقول - وإن قال صلوا شرق صلينا عمد - هو نوع من المنافقة التي لا تطابق الواقع أصلًا، فيما تحكي الجملة الواقعية أن الصرف في بلدنا ينافس برج إيفل الفرنسي وأن الصعود يرهق الناس ويعمي البصر ويفقر كل من في اعتقاده أن يجاريه، لا حلول تبدو في الأفق بيدنا نحن حكومة عدن وكذا حكومة المليشيات في صنعاء، وكليهما مرهق ويكذب وهما قطعا لا يملكون ما يخرجهما نحو المجال الأوسع ومنفعة المواطن ووقف الحرب.

 

حكايتنا قد تطول ولن تتمكن لا دول الخليج ولا المملكة العربية السعودية في إنهاء مانحن فيه من انتكاسة وجوع ومعاناة ومساوئ بسبب الحرب والتجاذب، وأن أمريكا لا تملك غير يد إسرائيل لتضرب بنية اليمن الشمالي وأخاف أن تمتد يدها نحو حضرموت ومخزون النفط والموانئ بدلا مما يهددنا به نظام صنعاء في الجنوب طالبًا أن نقتسم معه النفط الخام لإنقاذ حاله، وهذا من ضعفنا وضعف التحالف الذي يربض على كل الجنوب لحمايتنا مما يخبئ لنا أو يخطط بشأن ثروات حضرموت وشبوة وكل الجنوب، وما حيلتنا أمام هذه الأوضاع المتردية التي يذكرني هذا زمن كنا نعتقد أن من حولنا وهم في زمن الطفرة النفطية وتحسن أسعار النفط العالمية وما ينعمون به من رفاهية معقولة، طبعا لم تبلغ ما بلغته اليوم، إنما كنا هنا نردد أنهم في أوضاع متردية والعكس الصحيح، وحين زرنا دول الخليج آنذاك بكينا على حالنا وخطاباتنا والكذب الذي كنا نطعم به الناس بعيدا عن الظاهرة السياسية التي ننفخ فيها كل صباح ومساء.

 

نحن لم نغادر زمن النكبة ولازال رجال السياسة عندنا في غيبوبة وفقدان الذاكرة، إي والله، ولم نتمكن من الصراحة وإحداث بيروستريكا جادة في حلحلة الأوضاع والبحث عن حلول، غير شكوانا من حكومة صنعاء وكأننا لا نتجرأ على فتح الحوارات ولدينا قوة تمكنا من هذا، ثم إلى متى ننتظر الحل من الخارج، أكثر من مرة يقول التحالف نفسه والمبعوث الأممي أن الحلول أولا وأخيرا بيد اليمنيين الشماليين والجنوبيين، وهو المخرج الوحيد للأزمة الطاحنة الراهنة.

 

تعبت الناس وكلت ونحن نعيش مثل الأموات، والحكومة غارقة في رمال متحركة، ولا منقذ قريب غير أن الحلول وبصدق هي أما أن يبقى أحدنا أو أن نتفق الاثنان مؤقتا في تهدئة الأوضاع والسلام المؤقت وأن يتنفس المواطن بارتياح ووقف تدهور العملة والنزاعات وإبعاد الخوف والمواجهة مؤقتا أيضا، ولو نظرنا إلى هذا فإن تحقيقه أقرب بغض النظر عن رأي من هو بعيد أو لا يرى مصالحنا ومعاناة الناس وما بنا من جوع وتدهور بغيض وتشتت وارتفاع جنوني للصرف، من يملك مفاتيح الحل وإنقاذنا بعيدًا عن الدعوات الجهوية والنفاق والوصولية وحب الذات، لا أحد، ولن يتمكن أحد غيرنا في أن نقرر كلنا أن نخرج بحلول تحفظ لنا حقوقنا وتحفظ للناس القوت والسلام، وما عدا ذلك فإن المثل يقول (قالوا للثور: ما أكبر كعالك يا ثور، قال كل شي بالميزان).