مر الجنوب بستة عقود من التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن يبدو أن هذه التحولات لم تؤد إلى تحول حقيقي في حياة المواطنين.
ثورات، وحروب، وانقلابات، ووحدات، وانقسامات، ثم حروب جديدة بأسماء قديمة. ومع كل مرحلة، كانت الآمال ترتفع ثم تهوي سريعاً مع أول اختبار للواقع.
فلم يتحقق بناء الدولة، ولم تترسخ العدالة، ولم تتشكل مؤسسات قادرة على حماية المواطن الجنوبي من الجوع أو من رصاصة عابرة في حرب لا يفهم أسبابها،
النتيجة أن المواطن الجنوبي اليوم يعيش ذات القلق الذي عاشه أبوه وجده، وربما بظروف أشد قسوة من أي وقت مضى.
جيل ولد على الخراب
الجيل الجديد في الجنوب لم ير سوى وطن ممزق ومؤسسات هشة واقتصاد منهار.
والمؤلم أن هذا الجيل لم يورث فقط الفقر والحرمان، بل ايضاً الإحباط المزمن وفقدان الثقة بالمستقبل.
فكيف يمكن لشاب أن يحلم بالغد، وهو يرى بلده يراوح مكانه منذ ستين عاماً؟
إنها مأساة وطن يسلم أبناءه إلى زمن منكوب وأيام صعبة ومستقبل أكثر سواداً، كما قال أحد الآباء بمرارة صادقة.
حين يصبح الانتظار نمط حياة
الانتظار في الجنوب لم يعد موقفاً مؤقتاً، بل أصبح ثقافة مجتمعية.
فبدل أن يبنى الأمل على الفعل، صار يبنى على الانتظار.
وهنا تكمن المعضلة الحقيقية.. أن يتحول "إن شاء الله" من تعبير عن الإيمان إلى ستار يخفي وراءه العجز الجماعي عن التغيير.
خاتمة.. الأمل لا يكفي وحده
الجنوب لا يحتاج مزيداً من الدعاء فقط، بل يحتاج إلى إرادة واعية ورؤية حقيقية للمستقبل.
فالإصلاح لن يأتي بمعجزة، بل بجهد وطني صادق يعترف بالأخطاء ويبدأ من الإنسان.
وربما آن الأوان أن يتحول السؤال الأبدي "هل سيستقيم الحال؟"
واليوم وبعد اقترابنا من ستين عاما لم يزل السؤال هو هو ؛ ولم تزل الإجابة هي هي !
✍️ ناصر العبيدي