"الوطن غاية لا وسيلة".!

2025-08-04 09:13

 

الوطنية أصبحت عند بعض سماسرة الوطنية الملاذ الأخير، لمن يتخذون من قضايا الوطن سلماً لمصالحهم الخاصة..

 

يتخذ بعضهم من الوطنية واجهة ومن قضايا الوطن وسيلة لتحقيق مصالحهم الخاصة، فيكون الوطن عندهم أداة لا غاية

في زمن اختلطت فيه المفاهيم، وتبدلت فيه المعايير، لم تسلم "الوطنية" بما تحمله من قداسة وقيمة من عبث المتاجرين ومروجي الشعارات. فباتت الوطنية عند البعض ليست انتماءً صادقاً، ولا التزاماً صلباً بمبادئ الوطن ومصالحه، بل سلعة قابلة للاستخدام في بازار المصالح الشخصية، وواجهة براقة تخفي وراءها نوايا ملوثة بالأنانية والطمع.

 

إن أخطر ما يواجه الأوطان ليس عدواً خارجياً واضح الملامح، بل أولئك الذين يتوشحون بعباءة الوطنية، بينما يطعنون الوطن من الخلف. هم لا يعملون لأجل الوطن، بل يستثمرون في قضاياه، يحاولون آلامه إلى أرباح، ويجعلون من تضحيات أبنائه درجات في سُلم صعودهم الشخصي، 

تراهم يتصدرون المشهد حين تشتد الأزمات، يرفعون الشعارات الرنانة، ويتحدثون باسم "القضية الجنوبية "، لكن حساباتهم الخاصة تظل هي المحرك الخفي لكل مواقفهم، يقايضون الحقيقة بالمكاسب، ويبدلون المواقف بتبدل الرياح، لا ولاء لهم إلا لمصالحهم، ولا انتماء إلا لمراكز نفوذهم.

 

الوطن في عرف هؤلاء أداة لا غاية، مسرح للظهور لا ميدان للبذل، منصة للخطابة لا محراب للتضحية. هم يتقنون فن التزييف، ويبرعون في توظيف العاطفة الوطنية لتحقيق غايات شخصية، حتى أصبح من الصعب على العامة التمييز بين المخلص والمتسلق، بين من يقدم ومن يقتات. 

 

لكن الوطنية الحقة لا تحتاج إلى شعارات ولا استعراضات، الوطنية عمل صامت، عطاء دائم، ومسؤولية لا تزول، هي أن تقدم مصلحة الوطن على نفسك، أن تقول كلمة الحق ولو على حساب مكاسبك، وأن تبقى ثابتاً على مبادئك حين يتقلب غيرك مع المصالح.

 

إن إنقاذ مفهوم الوطنية من أيدي المتاجرين بها، لا يكون إلا بوعي جمعي، يميز بين من يخدم الوطن ومن يخدم نفسه من خلال الوطن، فالمخلصون لا يرفعون راياتهم فوق راية الوطن، ولا يصنعون من الوطنية مظلة للفساد أو وسيلة للتمكين الزائف. 

 

فليكن شعارنا: "الوطن غاية لا وسيلة"، وليكن وعينا درعاً يحميه من أدعياء الوطنية، الذين لا يرون فيه إلا فرصة، لا قضية..!!

 

يبقي الجنوب كما عهدناه حراً أبياً شامخاً لا ينكسر..

 

✍️  ناصر العبيدي