الحوثي يتقدم بثقة نحو تحقيق أهدافه، -بغض النظر عن مشروعية هذه الأهداف - سلاحه الحكمة ووحدة الصف وشعاره كثير من الفعل قليل من الكلام .
في حين يتراجع خصومه بقوه وكأنهم سقطوا من علو شاهق نحو منحدر سحيق ، ليس لديهم من سلاح سوى الشكوى ،وشعارهم طائفي وغير مقنع لا يتعدى الكلام عن الروافض والمجوس وعبدة النار ،وعملاء ايران وزواج المتعة .
الشاهد ان الحوثي يفعل ولا يتكلم وخصومه يتكلمون كثيرا وفعلهم على الأرض قليل بدليل ان الأول يتقدم بسرعة الضوء نحو استعادة الحكم المسلوب منه في انقلاب اقتصر على تغيير الإمام بأئمة كثر لا يختلفون عنه بشاعة وظلما للرعية ،في حين ظل جوهر نظام الإمام قائما في الاقتصاد والسياسة والثقافة والسجون ،وفي القيود التي مازالت تكبل معاصم ثلاثة أرباع المجتمع اليمني .
كانت أمام خلفاء الإمام ولمدة تقترب من ستين عاما فرصة لإجراء تغيير ايجابي لمصلحة الناس ، تجعلهم يشعرون بالفرق بين عهدي ما قبل سبتمبر وبعده ،لكنهم لم يفعلوا شيئا غير خلافة غير استبدال الإمام بائمة ومصادرة أملاكه لصالح أسرة وقبيلة واحدة ،متخلين عن حماية مصالح الناس وكرامتهم وحدود أرضهم ،وجعلهم مجرد متسولين وعبء على دول الجوار ،بل انه حتى الأرض اليمنية التي حافظ عليها الإمام في عز ضعفه ،جاء ثوار سبتمبر ليبيعوها وهم في عز قوتهم.
من هنا تبدو حجة ورثة ثورة سبتمبر ضعيفة وهم يتحدثون بقلق عن حماية الجمهورية ومكتسباتها ،في حين تتعزز حجة الهاشميين من أحفاد الإمام في رغبتهم في مواصلة حكمهم لهذه الأرض التي لم تعرف الدولة خاصة وان لديهم من الأدلة والشواهد على أنهم كانوا ملوكا وحكاما ان بعض من سجنهم الإمام قبل الإطاحة به ما زالوا يقبعون تحت الأرض في ذات السجون ، دون ان تصل إليهم الثورة والجمهورية والنظام الديمقراطي ،فيما لا زال نظام العبودية والرهائن قائما كما مازال كثير من المسنين من سكان صنعاء القديمة يهيجهم الحنين إلى تلك الأيام التي كان عمال الإمام يغلقون عليهم أبواب المدينة عند كل مساء فينامون بهدوء وسكينة دون خوف من رصاصات شيخ عربيد ، أو لص متنفذ لا يعترف بالثورة ولا بنظامها لأنه يرى في نفسه انه هو الدولة والثورة والرئيس .
* - كاتب وناشط سياسي