مقاومة الطغيان وعلاقته بفطرة الإنسان .. سحرة الفرعون نموذجاً وعبرة .

2015-07-13 10:48

 

فطرالله الإنسان على الخير والإيمان ومقاومة الشر والشرك .

 

وعندما تُغَيّب الفطرة يبرز توحش الإنسان وأعلى مراتبه الطغيان ونموذجه في كتاب الله الفرعون ومفهوم لا أريكم إلا ما أرى حيث يُسلب دورالإنسان كقوة خير مُستخلفة في الأرض .

 

والطغيان ( الفرعون ) وسيلته القوة القاهرة وأداتها الإكراه الذي يقابل إما بالقابلية والخضوع أو عدم القابلية ورفض الخضوع، وإيقاف الطغيان يكون بالرفض وعدم القابلية مهما كانت قوة الإكراه وجبروتها، وأروع موقف يمثل عدم القابلية والرفض هو موقف سحرة فرعون في القصص القرآني.

 

إن رفض الإكراه ومقاومته يسلبانه قوته وفعاليته. فالقهر والإكراه ضد فطرة الله في الإنسان.

ولولا قابلية الخضوع لدى الناس لما تمكنت قوى القهر والطغيان من إكراههم على الخضوع لها، وهنا يبرز موقف الرفض الذي قام به سحرة الفرعون في اللحظة الإنسانية التي التقت عندها البينة الربانية - في عصا نبي الله موسى عليه السلام- بالفطرة الربانية في أفئدتهم فتفجر نور الإيمان في وجدانهم لِيُعبر عن الرفض الإنساني في أرقى مراتبه وسموه وارتباطه بالله، حين رفض مغريات الدنيا ونعيمها وتقبل قضاء الفرعون في تعذيبهم وتقطيعهم من خلاف،وصلبهم.

 

هذه هي لحظة الإختيار التي بها يسمو الإنسان نحو الله والتي يتجلى فيها علم الله ووعده للملائكة بأن هذا المخلوق سيكون خليفته في الأرض وسيقدم صورة إيمانية مشرقة غير القتل وسفك الدماء.

 

لنرتل معاً هذه اللحظة كما وصفها القرآن الكريم -الذي هجرته الأمه-  في سورتي الشعراء وطه

{ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42) قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ (43) فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44) فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ (48) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ۚ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ(49) قَالُوا لَا ضَيْرَ ۖ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (50) إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (51) } سُوَرة الشعراء .

 

{ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ(69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ (70) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ (71) قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (73) } سورة طه.

 

هذه عبرة قصص سحرة الفرعون في القرآن عبرة للناس تصف لحظة تلاقي فكرة الحق بفطرة الحق ليشع نور الحق ليصدع المؤمن بالحق . وهذا ما تفتقده أمة المؤمنون اليوم. فدين الحق حبيس التمذهب وفطرة الحق حبيسة الدنيا وأهوائها.