الشاعر الشهيد محمد بن صالح باسرده شاعر شعبي مجيد كان يمثل والشاعر المجايل له السيد محسن البغدادي ثنائيا رائعا ليس كشعار شعبيين بل كحزبين في برلمان ديمقراطي حقيقي من خلال مساجلاتهم الشعرية , حيث كان يحسب الشاعر باسرة كمتحدث باسم جبهة التحرير بينما يتبنى السيد البغدادي الدفاع عن الجبهة القومية .
ومعظم أشعارهم (باسرده والسيد) ملغوزة ( توريه) لا يفهمها بسطاء الناس تتحدث عن الصراعات السياسية والقبلية في عهد الوجود السلاطيني والبريطاني قبل العام 1967م , ثم إستيلاء الجبهة القومية على الحكم بمؤامرة بريطانية وإقصاء القوى الوطنية الجنوبية الأخرى بما فيهم السلاطين الذين لم يمارسوا ظلما ولا جورا في أحكامهم, وقتلها لكل من رفض حكمها وإن كان لا يشكل خطرا عليها وهم بالمئات من خيرة رجال الجنوب مدنيين وعسكريين ورجال دين وشيوخ قبائل وبعضهم قتل من أجل ترهيب المجتمع وإن كان لا علاقة له بالسياسة .
الشاعر محمد بن صالح باسرده تم اعتقاله من قبل جلاوزة الجبهة في عهد الحكام علي شائع هادي محافظ المحافظة الرابعة (شبوه حاليا) وحسن أحمد باعوم مسئول التنظيم السياسي الحاكم الجبهة القومية وأحمد مساعد حسين الجبواني سكرتير المحافظة وكلهم مسئولين عن قتله لمشاركتهم المباشرة في تنفيذ عمليات قتل وسحل لرجال الدين والمشائخ والشخصيات الوطنية الجنوبية أو من خلال إشرافهم وتوجيهاتهم لجهاز أمن الثورة والمنظمات الفلاحية التي يشرفون عليها والتي نفذت الكثير من عمليات الاغتيال.
أحمد مساعد حسين زار الشاعر باسرده في سجنه وطلب منه بيت شعر يعتذر فيه للجبهة القومية مقابل حريته فرفض باسرده ورد ببيتين شعر فيهما إصرار على موقفه حيث قال باسره :
با لشتـور* يا سالم الباروت يا ذي نهبت القات يا النهّـــاب
أنته لفن القات ما تعرف ما تعرف الا الضمد والمركـاب
ياما بنا ع القات من حسره يا ريتـهم با يفتـــحون البـــــــاب
*(سنتبادل الرأي) (ضمد البقر للفلاحة)
وقد تنبأ شاعرنا با سرده بمكان وزمان مقتله والتربة التي ستحوي جثمانه حيث قال في ذلك وهو في السجن الذي نقل اليه قبل اعدامه :
مسئول بالله خبرني .......... بو محسنه وين بايدفن
في الديس او شرج باسالم .. او بين الاكواد في حلّــه
( الشاعر هنا لا يستحلف المسئول الحكومي الذي سجنه , ولكنه يستحلف شخص مجهول عن موعد قتله وموقع دفنه) .
وقتل الشهيد ودفن في "حلّه" كما تسربت المعلومات حينها واصبحت يقينا لدى العامة , ودفن فيها , وتقع "حلّه" ما بين ميناء بير علي ومنطقة رضوم على ساحل بحر العرب, وحتى اليوم لا تعرف أسرته أين يقع قبره بالتحديد لتزوره , وهناك المئات من رجال الجنوب لا تعرف قبورهم .
وقد تنبأ شاعرنا بعاصفة الحزم قبل قتله وتصفيته جسديا في شهر سبتمبر 1972م من قبل نظام الجبهة القومية ( تحول أسمها الى الحزب الاشتراكي اليمني) قبل قتله بسبع سنوات تحديدا العام 1965م ولا يتذكر محرر " شبوه برس" المناسبة الي قيلت فيها :
ﻓﻲ ﺍﺭﺿﻨﺎ ﻫﺒﺖ ﺭﻳﺎﺡ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﻪ
ﻳﺎﻭﻳﻞ ﺻﻨﻌﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻋﺎﺻﻴﺮ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ
ﻣﻦ ﻋﺼﻔﻬﺎ ﺗﺼﺒﺢ ﻭﺗﻤﺴﻲ ﺧﺎﻳﻔﻪ
ﺗﺪﻓﻊ ﺛﻤﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻨﻴﻦ ﺍﻻﺟﺘﻴﺎﺡ
ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺎﺻﻢّ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﺎﻳﻔﻪ
ﺻﺒّﻲ ﺑﺮﺍﻛﻴﻦ ﺍﻟﻐﻀﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﺎﺡ
ﺻﻜّﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺬ ﻭﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻄﺎﺭﻓﻪ
ﻣﻦ ﺷﺮﻕ ﺷﺒﻮﻩ ﻟﻠﺸﺮﻳﺠﻪ ﻻﺳﻨﺎﺡ
ﻣﻦ ﺣﺪّ ﻳﺎﻓﻊ ﻻ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﺍﻟﻜﺎﺷﻔﻪ
ﻻ ﺗﺘﺮﻛﻲ ﻟﻠﻤﻌﺘﺪﻱ ﻣﻨﻔﺬ ﻣﺒﺎﺡ
ﺍﻻﺭﺽ ﺍﺭﺿك ﻳﺎﻟﺤﺸﻮﺩ ﺍﻟﺰاﺣﻔﻪ
ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺍﺻﻨﻌﻲ ﻓﺠﺮ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ
ﻳﺎﻣﺎ ﺭﺑﻄﻨﺎ ﻋﺎﻟﺠﺮﺍﺡ ﺍﻟﻨﺎﺯﻓﻪ
ﻳﺎﻣﺎ ﻗﺒﺮﻧﺎ ﺑﺎﻟﺜﺮﻯ ﻛﻤﻦ ﺷﺒﺎﺡ
ﺩﻣﻊ ﺍﻟﻴﺘﺎﻣﻰ ﻭﺍﻻﺭﺍﻣﻞ ﺫاﺭﻓﻪ
ﻓﻲ ﻗﻬﺮ ﺗﺒﻜﻲ ﻣﻦ ﻗﻀﺎﺀ ﻧﺤﺒﻪ ﻭﺭﺍﺡ
ﻣﺎﻟﻴﻮﻡ ﻭﺍﺩﻋﻨﺎ ﺷﻌﻮﺭ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻪ
ﻣﺎﺷﻔﺖ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺻﻮﺑﻲ ﻭﺍﻟﺠﺮﺡ
ﺍﻟﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎﻗﻀﻲ ﻟﻲ ﺳﺎﻟﻔﻪ
ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻗﺪﺍﻣﻪ ﺳﻼﺡ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﺒﺎﻳﻞ ﻟﻠﻔﺪﺍﺀ ﻣﺘﻜﺎﺗﻔﻪ
ﺣﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﻩ ﻭﺍﻟﻔﻼﺡ
ﺍﻻﺭﺽ ﺑﺎﺗﺼﺒﺢ ﻋﺒﻮّﻩ ﻧﺎﺳﻔﻪ
ﻫﺬﺍ ﻗﺪﺭ ﻫﺬﺍ ﻭﻃﻦ ﻫﺬﺍ ﻛﻔﺎﺡ
ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺟﻮﻟﻪ ﻭﺿﺮﺑﻪ ﺧﺎﻃﻔﻪ
ﻭﺍﻟﻨﺼـﺮ ﻣﻦ ﺭﺏ ﺍﻟﺒﺮﻳـﻪ ﻭﺍﻟﻨﺠـﺎﺡ