بسم الله الرحمن الرحيم
يؤكد مركز عدن للبحوث والدراسات الاستراتيجية إن هذه النصيحة والتحذير لم تكن وليدة الحادث المؤلم الذي وقع لقوات التحالف العربي في مأرب بتاريخ 4/9/2015م , وإنما كانت في الذهن منذ فترة طويلة , غير إن إدارة مركز عدن التي تتابع الأحداث عن كثب لم تكن ترغب أن تحبط عزيمة قيادة قوات التحالف العربي , ومع ذلك جاء ذلك الحادث المؤلم ليدفع بها إلى تقديم هذه النصيحة والتحذير لمن يريد أن يأخذ بهما وحتى يسجل التاريخ أننا كنا ومازلنا مخلصين لدول التحالف العربي التي قدمت لشعب الجنوب الكثير.
وهنا سنبين بعض جوانب النصيحة والتحذير بشكل موجز:
1. نأمل من دول التحالف العربي أن تدرس بعمق وقائع التاريخ القديم والحديث لتجارب التدخل الاسلامي والعربي في أراضي الجمهورية العربية اليمنية في الفترات السابقة والأخذ بعبره المريرة , وكذا دراسة الواقع الاجتماعي والسياسي والمناطقي والطائفي والقبلي والجغرافي لهذه البلاد بصورة جيدة.
2. دراسة وضع وانجازات ما يسمى بالمقاومة اليمنية في محافظات مأرب والجوف وتعز والبيضاء وإب والحديدة. والاجابة بكل صراحة عن سبب عدم قدرتها على حماية مناطقها وتحرير ولو أجزاء صغيرة منها , بل سقوط بعض المحافظات بعد أن كانت محررة مثل محافظة الجوف.
3. عدم الأخذ بما حققته المقاومة الجنوبية من نجاحات وتطبيقه على واقع اليمن الشمالي فهناك فوارق كبيرة بين التجربتين وفي مختلف الجوانب.
4. هناك من يدفع أن تبدأ ما يسمى بمعركة تحرير صنعاء من محافظة مأرب لقصر المسافة , وهذا خطأ كبير , وإن كانت قوات التحالف في بداية المعركة قد تحقق نجاحات , ولكن فيما بعد سيصبح الأمر أكثر صعوبة , لأن الوصول إلى صنعاء سيكون عبر مناطق موالية للحوثي والمخلوع صالح , وستتحول هذه المناطق إلى مناطق موت لقوات التحالف العربي.
5. عناصر ووحدات ما يسمى بالجيش الوطني اليمني المتمركزة في مأرب فيها إختلالات كبيرة وقاتلة , فمعظم عناصرها ممن ذهبوا للبحث عن المال , وكذا من الوحدات التي أعلنت ولائها للشرعية تجنباً للضربات الجوية لقوات التحالف العربي , فهي مؤيدة في وسائل الإعلام ولكن على الواقع عكس ذلك وإلا لكانت حققت نجاحات عسكرية لما تمتلكه من قوة بشرية ومادية . بل أن بعضها ساند مليشيات الحوثي وصالح وفي أحسن الأحوال رفض القتال ضدها.
6. يعد حزب الاصلاح بجناحية السياسي والقبلي هو المتصدر لتكوين القوات الموجودة في مأرب والجوف , وهذا الحزب سبق له أن عجز عن التصدي لمليشيات الحوثي في صنعاء , وهو اليوم يدفع بقوات التحالف تقاتل بدلاً عنه فإن هزمت يكون بذلك قد ألحق هزيمة بأعدائه السعوديين والإماراتيون.
7. حزب الاصلاح له حسابات كثيرة , فهو صحيح يعتبر الحوثي وصالح ومليشياتهما أعداء , ولكن لديه حسابات أخرى مستقبلية, ولهذا دفع بكثير من قياداته وأعضاءه لدخول السعودية لتحقيق عدة أغراض , ومنها: كسب الأموال , والحصول على أسلحة , وعدم ترك الساحة لغيره من القوى الوطنية , واحياء خلايا الاخوان المسلمين في السعودية , فهو يعتبر أن معركته الحقيقة والمستقبلية ليست مع الحوثي وصالح وإنما ستكون مع شعب الجنوب.
8. معظم قادة ما يسمى بالجيش الوطني اليمني هم من نفس طائفة الحوثي وصالح وبحكم الروابط الدينية فإنهم لا يحبذون أن تهزم طائفتهم الزيدية , وقد دفع المخلوع صالح بالعديد من المواليين له إلى صفوف هذا الجيش ولهم مهام محددة سيتم تنفيذها في الوقت المناسب.
9. ستواجه قوات التحالف كثير من المصاعب في حالة دخولها ميدان المعركة في المناطق الزيدية , فهذه المناطق رغم كثرة الطلعات الجوية لم تلحق بها خسائر تستحق الذكر فمازالت محتفظة بمقاتليها. كما أن اسلحة وذخائر ومعدات الحرس الجمهورية الموالي للمخلوع صالح مازالت سليمة بنسبة 80 ـ 90% , ولم يتم إخراجها من بين جبال صنعاء وسيتم استخدامها في الوقت المناسب.
10. الذين يتحدثون عن ما يسمى بالمقاومة في إقليم أزال أنها ستقوم بدورها ضد مليشيات الحوثي وصالح هو حديث كاذب ولا له اساس من الصحة. فاذا كانت عجزت المقاومة في تعز والبيضاء من منع استخدام مناطقها للمرور الى الجنوب فكيف لمقاومة في عقر دار الزيدية أن تقوم بما هو اكثر من ذلك؟.
11. القوى الوطنية في اليمن الشمالي لن تكون سند قوي لقوات التحالف في معركة تحرير صنعاء , لأنها تنظر إلى هذه المعركة أنها ستعيد نفس القوى الفاسدة السابقة إلى الحكم بما فيها حزب الاصلاح المتطرف , وبحساب عقلاني فإنه يمكن للقوى الوطنية أن تتعايش مع صالح والحوثي ولا يمكنها أن تتعايش مع تلك القوى المدعومة من دول التحالف العربي , وخير مثال على ذلك أن القوى الوطنية في كثير محافظات الجمهورية العربية اليمنية وفي مقدمتها محافظة تعز ألتزمت موقف الحياد في القتال الجاري في المحافظات لأنها لمست سعي حزب الإصلاح للاستئثار بكل شيء .
12. إننا ننصح دول التحالف أن تدفع بقوات الجيش الوطني اليمني بما فيها الوحدات التي مازالت متمركزة في حضرموت للقتال ضد مليشيات الحوثي وصالح وأن تكتفي بالدعم الجوي والمادي. وإذا كانت دول التحالف العربي مصرة على دخول قواتها ما يسمى بمعركة تحرير صنعاء أن تكون هذه القوات في جبهات مستقلة عن ما يسمى بالجيش الوطني اليمني , لأن كثير من عناصر هذا الجيش نتيجة لولائهم الديني أو لحصولهم على الأموال سيتحولون إلى مقاتلين ضد قوات التحالف يذبحونها من الخلف.
وهناك عدة نصائح ولكننا اكتفينا بأهمها ونأمل أن تجد اذان صاغية وعيون مبصرة.
أ. محمد الحميدي
رئيس مركز عدن للبحوث والدراسات الاستراتيجية
يوم الاثنين 7 سبتمبر 2015م ـ العاصمة عدن.