مهرجان البلدة والجهل بالموروث الثقافي للبلد

2017-07-15 14:53

 

كنت آمل وانا اطالع في البرنامج  الذي اعدته السلطة المحلية بمديرية الشحر ومعها مكتب الثقافة  بخصوص احياء الإحتفالات بنجم البلدة, ان تحتوي فقراته على شيء ما يخص اجدادنا وماكان يفعلونه عند قدوم هذا النجم من مراسيم وطقوس ورقصات تعبيرية, او حتى على الأقل ابرازها ونشرها للعامة ليتعرف الناس على جزء من تاريخ وثقافة وموروث بلدهم, خاصة وان الهدف من إقامة هذا المهرجان كما يدعيه القائمين عليه ويروج له الاعلام الفارغ من المحتوى, إعادة إحياء موروث الاجداد والحفاظ على الهوية, فضلاً عن جوانبه الترفيهية الاخرى والتي لا اتحدث عنها هنا ولا اعتبرها هدفاً في حد ذاته على اعتبار ان الجوانب الترفيهية فيه لا علاقة لها بالتراث والهوية . كما ان الترفيه يمكن ان يتحقق بمناسبة كهذه او دونها.

اقول هذا بعد ان لاحظت ان مجمل الفقرات المحددة في البرنامج لا تخرج عن إطار الألعاب الرياضية والرقصات الشعبية كرقصة العدة, وبعض الفقرات الترفيهية والعروض البحرية. وكلها انشطة في مجملها ترفيهية. يمكن ان يقوم بها من لا يملك ارث تاريخي وحضاري مرتبط بهذه الإحتفالية وليس نحن.

 ولنا هنا ان نتساءل عن وجود البرامج المرتبطة بالهوية والتراث والموروث الثقافي والإصالة لإحيائها كهدف معلن؟ فهل على سبيل المثال خصص أول يوم منه ليكون يوماً لبذر البذور كما يفعله قدماء المزارعين لأن هذا النجم مرتبط بهم ايضاً, اوغرس الاشجار على الشوارع العامة وقرب المنازل فضلاً عن تنظيف الشوارع, بل وهو الاهم في مناسبة كهذه القيام بمبادرات اجتماعية لتنظيف الشواطئ من كل المخلفات الضارة؟ وهناك جانب آخر لا ينبغي اهماله او اغفاله فهل خصص يوم من هذا البرنامج أطلق عليه بـ(يوم سوبان) مثلما كان يفعله اجدادنا واقاموا له مراسيمه وطقوسه ورقصاته ولو في صور محاكية على خشبة احدى المسارح تقوم به واحدة من الفرق الشعبية المحلية المهتمة. نأمل ان تكون رقصة سوبان من ضمن فقرات الفرق المشاركة وإلا فكل الاحتفالية مالها اي معنى تراثي. وطبعاً اختيارنا للمسرح بعيداً عما كان يفعله اجدادنا بداخل بعض المساجد المحددة, حتى لا تستغل من البعض ويتهم القائمين بالمهرجان بإحياء الوثنية وممارساتها المندثرة. خاصة وان الاحتفال بيوم سوبان يخفي في طياته جزء هام وحيوي من التاريخ الديني القديم (المجهول) للمنطقة حينما كانت الوثنية سائدة فيها وظلت رواسبها متداولة في العقل الجمعي جيلاً بعد جيل. وهو تاريخ ظل ولا زال غائباً عن فكر الكثيرين ومعارفهم بالرغم مما كتب عنه من قبل المؤرخين والباحثين, بل واسهب البعض في وصف تلك الإحتفالية, إلا اننا (امة لا تقرأ) كما ان المساجد للعبادة فقط. ثم ان البرنامج المعد لم يخصص للاحتفال بهذه المناسبة في القرى الزراعية المجاورة واقتصر فقط على المدن الساحلية بالرغم من ان كتب التراث تشير الى اقامة عدد من الزيارات والاحتفالات ببعض القرى في مناسبة كهذه سوى التي كانت تقام في قرية زغفة او العيص ..الخ وقد اندثرن, وفيها كان الريف يشهد انتعاشاً تجارياً كبيراً. والاهم من ذلك كنت احبذ لو ان القائمين بهذه الاحتفالية ان سبقوها بطباعة او اعادة طباعة عدد من الابحاث والدراسات التي قدمها عدد من مؤرخي وباحثي الشحر حول نجم البلدة او يوم سوبان, خاصة وان عدد منها لازال لليوم مخطوط حبيس الجدران, لتوزع على الناس ويطلع الجميع على تاريخ البلاد وثقافتها,  ولو حتى بطباعة فقرات منها وتوزع على شكل نشرات من خلالها نستطيع ان نساهم في ابراز الجوانب الثقافية والادبية المرتبطة بهذا الحدث.

وفي النهاية ولمن هو تواق لقراءة المزيد من المعلومات عما كان يفعله الاجداد اثناء قدوم نجم البلدة وفي يوم سوبان يمكن الرجوع الى كتيب الاستاذ عبدالرحمن الملاحي بعنوان نجم البلدة بين المفهوم الفلكي والمدلول الثقافي الشعبي, او المذكرة التاريخية الشحرية للمرحوم احمد بن عبدالقادر الملاحي, او ابحاث الاستاذ عبدالله صالح حداد, الرقص الطقوسي, والاخر التعبير الحركي لدى القدماء وغيرها من ابحاث ومقالات لازال العديد منا يجهلها ويهرف بما لا يعرف. وفي الاخير اتمنى لهذه الفعالية وللقائمين عليها التوفيق والنجاح, وان تحقق كل اهدافها, وان تكون بادرة طيبة لإحياء مختلف المناسبات والزيارات الأخرى المندثرة. تحياتي.

انور السكوتي