اجتهادات خاطئة في ترجمة تصريحات غريفيث

2018-08-12 09:45

 

تصريحات الدبلوماسيين دائما تكون دبلوماسية وغامضة ويصعب فهمها لعامة الناس وتكون مبهمة عمدا ! ولا يستطيع فهم مابين سطورها الا القلة من المثقفين والسياسيين الممارسين لفن التضليل . ومما يجعلها صعبة التفسير ايضا هي الترجمة من لغة المتحدث الى لغة المتلقي ! وحتى يكون الاختلاف بين المترجمين انفسهم كل واحد يأتي بمعنى مختلف وهذا يحدث في ترجمة معظم التصريحات والقرارات الدولية .

 

اما المفسبكين ورواد مواقع التواصل ممن لا يفرقون بين القاف والغين من باب اولى انهم لم ولن يفهموا ما يقوله غريفيث او غيره حتى باللغة العربية وكان المفروض ان لا يقحموا انفسهم في هذا التفسير والترجمة.

 

وحول تصريحات المبعوث الدولي في جينيف بشأن اليمن والجنوب , ظهر تباين في وجهات النظر بين مؤيدي ومعارضي انفصال الجنوب , كل شخص يهرف بما يهوى وبما تريد نفسه ! لكن الأمر اعمق من ذلك واكثر تعقيدا .

غريفيث مبعوث للصلح ( سعاي بالبدوي ) و من يريد الاصلاح بين اثنين يحتاج ان يكذب على الطرفين لتقريب وجهات نظرهم حول المشكلة .

 

الحقيقة ان ما يقوله الطرفان بعيد عن الحقيقة فالمشكلة اكثر تعقيدا مما يتصورون والحرب في اليمن مرتبطة بمشاكل المنطقة ولن يكون اي حل الا بالتفاهم وموافقة مشعلي نارها وبشروطهم ايضا .

 

وليعلم الجميع في الجنوب وفي اليمن وفي المنطقة ان ملفاتهم في ايدي الكبار وتخضع لتفاهماتهم وتقاسمهم والتاريخ حافل بمئات الشواهد لا داعي لسردها .

وقد قالت العرب سابقا : وعند جهينة الخبر اليقين

قد يكون غريفيث نفسه لايعلم مايريده الكبار وانما ينفذ سياسة سلمت له خطوطها العريضة مع ملف حرب اليمن .

 

_ ومن *المؤكد* أن عودة اليمن الى وحدة 22مايو 1990 الاندماجية غير ممكن .. وان عودة صنعاء والمركز والطائفة الزيدية الى التحكم في اليمن كما كان سابقا مستحيل ..

 

_ ومن *الواقع* أن انفصال الجنوب في هذا الوقت غير ممكن ايضا وسيكون كارثي على شعب الجنوب اولآ وعلى اليمن والمنطقة كلها لأن البلاد تمر بمرحلة حرجة للغاية وتقترب من حافة الهاوية . والانهيار التام وارد في كل لحظة فلا مجال لمغامرة قاتلة جديدة .

 

إذآ ماهو المخرج بين المؤكد والواقع ؟

الحروب عند اندلاعها واستمرارها وانتشارها والتدخلات الخارجية فيها تنتج معطيات جديدة وتفرز واقع جديد . وهذه المعطيات وما ينتج عنها على ارض الواقع يقضي على احزاب ومكونات سياسية ويشكل أخرى جديدة , وتختفي شخصيات سياسية مرموقة وتظهر اخرى غير معروفة !!

ومن مخرجات الحرب هذه ترتسم خريطة جديدة للبلاد غالبا ما تكون ضد رغبة الشعب إلا إذا وجدت بين القيادات الجديدة الصاعدة قيادة حصيفة تستطيع الحصول على ماتريد بحنكة وذكاء وتتعامل مع الواقع بواقعية تستطيع انتزاع الحق دون الحاجة الى التصادم مع القوى المؤثرة التي تدير الحرب , اما إذا ترك الحبل على الغارب وترك تحديد الخريطة لنتائج الحرب كيفما كانت. , فسيكون الواقع الجديد مؤلم جدا للجميع .

لذلك على جميع الاطراف أن يعوا هذه المعادلة الصعبة ويتعاملوا معها بحكمة لتقليل الخسائر ورفع معدل الكسب .

 

وفي الختام نقول : أن العمل الميداني اهم من الاجتهاد في ترجمة كلمة او تصريح للمبعوث الدولي لان التاريخ يشهد أن الحقوق لا تعود من على طاولة الأمم المتحدة ولا قراراتها وإنما بالعمل الدؤوب والمثابرة والصبر واستغلال الفرص السانحة بذكاء.. ولو كانت قرارات الأمم المتحدة تعيد الحقوق لأصحابها لكان الشعب الفلسطيني سيد ارضه ولكانت فلسطين دولة مستقلة ذات سيادة .