الانتقالي وحملات الخصوم

2020-07-30 08:18

 

بعد تأسيسه في مايو/آيار في العام 2017م تلبية لتفويض الشعب الجنوبي في إعلان عدن التاريخي، تعرض المجلس الانتقالي الجنوبي لحملات تشويه ممنهجة من قبل خصومه في الحكومة الشرعية التابعة للإخوان المسلمين، جماعة الحوثي، والتيارات الجنوبية المدارة من طهران ومسقط. دأبت ماكينات الخصوم الإعلامية وطيلة 3 أعوام مضت على استهداف المجلس الانتقالي الجنوبي، مستغلة ترسانتها الإعلامية الكبيرة من قنوات فضائية، صحف ورقية وإلكترونية، مئات المواقع الإخبارية، وجيش من الصحافيين والإعلاميين.

 

ولد ميتا

 

"ولد ميتا"، هكذا وصف خصوم الانتقالي المجلس بعد أسابيع من تكوينه، هؤلاء الخصوم ادعوا أنّ الانتقالي عاجز عن تحقيق أي شيء، وأنه -أي المجلس- لا يعدو عن كونه تجمع للمقالين من حكومة هادي والناقمين عليه، لينكشف زيف ادعاءهم عندما كنست مدافع المجلس معسكرات وألوية الشرعية في عدن خلال فترة قياسية، وتدافع مقاتلي المجلس على أبواب القصر الجمهوري "في معاشيق" ليعلنوا إحكام سيطرتهم التامة على عدن، الذي وصفوه بـ "المولود الميت"، اتضح أنه كيان سياسي كبير له أذرعه العسكرية الضاربة وليس وليد اللحظة بل هو امتداد للحركة الجنوبية التحررية من نير الاحتلال.

 

الانتقالي مدعوم لتنفيذ أهداف الإمارات

 

بعد فشل دعاية "المولود الميت"، اتجه خصوم المجلس الانتقالي إلى إحدى أكبر الدعايات التقليدية وهي "التمويل الإماراتي لتنفيذ أجندة الإمارات في الجنوب"، وشرعت مطابخ خصوم الانتقالي -على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم السياسية والحزبية - في إتهام الانتقالي الجنوبي بالعمالة للإمارات، "لن يستطيع المجلس الانتقالي أن يصمد يوماً واحداً دون الإمارات"، ردد هؤلاء في شاشات الجزيرة والمسيرة وسهيل وبقليس وغيرها من القنوات، ثم جاء إعلان الإمارات العربية المتحدة انسحاب قواتها من العاصمة عدن والجنوب بشكل كامل، لم يعدد للإمارات أي تواجد عسكري حقيقي في الجنوب، صمد الانتقالي بدون الإمارات وحرر المحافظات الجنوبية واحدة تلو الأخرى لأنه ليس بعميل ولا مرتهن، كما يروج أعداءه الذين تتحكم بهم مخابرات قطر وتركيا وإيران، وما أشبه المثل العربي القائل: "رمتني بداءها وانسلت" بحالهم.

 

فئة محددة تتحكم بالمجلس وتظلم باقي الجنوب

 

اتهم خصوم الانتقالي المجلس بأنه "مُتحكم به" من قبل فئة من أبناء الجنوب - الضالع ويافع وردفان ولحج- وأنه - أي المجلس- قام بإقصاء أبناء الجنوب من خارج هذه المنطقة الجغرافية، هي دعاية لم تلق رواجاً مثل سابقاتها لما فيها من السخف والصفاقة، من ينظر في المجلس الانتقالي الجنوبي وهيئة الرئاسة والجمعية العمومية التابعتان له سيجد زيف هذه الادعاء، يشغر أبناء المحافظات الجنوبية التي يتغنى هؤلاء بمظلوميتها مناصب هامة وحاسمة في المجلس، نائب رئيس المجلس، الشيخ هاني بن بريك" من أبناء حضرموت، رئيس الجمعية العمومية في المجلس ورئيس الإدارة الذاتية لاحقا اللواء أحمد سعيد بن بريك من أبناء حضرموت، الأمين العام للمجلس الانتقالي الأستاذ أحمد حامد لملس ومرشح الانتقالي لمنصب محافظ عدن ضمن الشق السياسي لاتفاق الرياض من أبناء شبوة، الناطق الرسمي للمجلس الأستاذ نزار هيثم من أبناء عدن.

 

ما يتجاوز الثلثين من أعضاء هيئة رئاسة المجلس من خارج المنطقة الجغرافية المتهمة باختطاف الانتقالي، ما يتجاوز ثلاثة أرباع الجمعية العمومية من خارج هذه المنطقة الجغرافية، معظم الدوائر والهيئات في المجلس من أبناء المحافظات الجنوبية التي يقول عنها خصوم المجلس أنها أُقصيت، كبار القادة العسكريين في القوات التابعة للمجلس من أبناء هذه المحافظات، منهم -على سبيل الذكر وليس الحصر- القائد عبد اللطيف السيد أبن أبين والقائد محمد البوحر أبن شبوة.

 

المجلس الانتقالي غير قادر على إدارة محافظة واحدة

 

من حملات خصوم المجلس الانتقالي منذ تأسيسه قبل ثلاثة أعوام، هي أن المجلس الانتقالي مجرد حزب سياسي له ميلشياته العسكرية وغير قادر على إدارة محافظة واحدة، فلم تمر إلا فترة بسيطة ويعلن المجلس الانتقالي الجنوبي تشكيل الجمعية العمومية وإشهار فروعه في كل المحافظات الجنوبية من عدن وسقطرى إلى المهرة، وإشهار فروعه في كل مديريات ومراكز الجنوب، ليختم المجلس الانتقالي الجنوبي مسيرته في بناء وإدارة دولة بأكملها وليس محافظة فقط عبر إعلان الإدارة الذاتية لأراض الجنوب، وهي الخطوة التي أثبتت استعداد المجلس الانتقالي الجنوبي لتحمل مسؤوليته تجاه الجنوب وشعبه ومقدرته الكاملة على إدارة "الدولة" جنوبا. للمجلس الانتقالي أطر سياسية وتنظيمه متينة استطاعت -في فترة وجيزة- أن تحل محل سلطات الدولة المتهالكة جنوبا، وتعيد بعضا من هيبة الدولة المفقودة منذ ثلاثة عقود.

 

الانتقالي يتاجر بالقضية الجنوبية

 

اتهم خصوم المجلس - بالأخص التيارات الجنوبية الهلامية المدعومة من عواصم إقليمية- الانتقالي  بالمتاجرة بالقضية الجنوبية، والسعي وراء مناصب في دولة هادي عبر استغلال هذه القضية، رغم أن المبادئ واللوائح والقوانين التي قام عليها المجلس تنص -بكل وضوح- على الانتصار للقضية الجنوبية، والانتصار لدماء شهداء الجنوب، والانتصار لتضحيات الشعب الجنوبي العظيمة منذ وحدة 22 مايو. رد الانتقالي الجنوبي على هذه التهم بأن وضع الاستحقاقات الجنوبية الأرضية الثابتة لأي حوار مع أطراف أخرى، وخاض المجلس معارك طاحنة مع قوى وحدة 22 مايو التي قمعت ثوار الجنوب وحاولت الالتفاف على القضية الجنوبية بحلول ترقيعية واهنة، بعد أن أثخنت في الجنوب وشعبه القتل والتنكيل والظلم. تصدى المجلس لأعداء القضية الجنوبية وانتصر لها عبر نيل استحقاقات جنوبية لا تشكّل حصة الانتقالي -في الحكومة الجديدة- إلا الجزء اليسير منها وأولى قطرات الغيث.

 

كلمة أخيرة

 

يتضح مما سبق أنّ الانتقالي يواجه قوى وتكتلات وحدة 22 مايو مجتمعة، وأن حملات هؤلاء الخصوم جزء من حربهم ضد المجلس والجنوب وهي حملات لا تنتهي وتتجدد كل يوم، فمن مولود ميت إلى ميلشيا متمردة ومرورا ببائعي الجنوب، تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي والجنوب محروم من أي سلطة حقيقية واليوم انتزع الانتقالي الجنوبي محافظة عدن ونصف مقاعد الحكومة، وأضحى للجنوبيين سيطرة فعلية على بعض محافظاتهم.

 

مسيرة المجلس مستمرة حتى الانتصار الكامل للجنوب ودماء شهداءه، ولا أجد أبلغ من عهد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي القائد عيدروس الزبيدي عندما قال للجنوبيين :"عهد الرجال للرجال، لن نفرط في شبر واحد من أرض الجنوب".