باسم القبيلة تنهب اراضي المدينة

2023-11-23 11:35

 

يبدو لي ان جدلية الصراع بين مفهومي البدو والحضر وفقا ولدلالة العلوم الاجتماعية والذي  نشأ مع بزوغ اول حضارة انسانية ستظل ملازمة البشرية إلى ان تختفي مظاهر البداوة والارتحال ويعم الاستقرار والتمدن كل البقاع. وان ميل البدو للتمدن والتحضر يعد ميلا طبيعيا تتوق اليه كل النفوس حيث الدعة والسكينة وطلب العمران كما ذهب اليه العلامة (عبدالرحمن ابن خلدون الحضرمي). وانطلاقا من هذا التوصيف الجزئي والبسيط لتلك الجدلية نقف هنا امام بعض المتغيرات الديمغرافية الطارئة حديثا على مدننا بعد ان شهدت هذه المدن نزوح الالاف من سكان الريف واستقرارهم في المدن طلبا للمعيشة والتنعم بالخدمات التي توفرها المدن والتي شكلت ضغطا كبيرا عليها كسبب لذلك النزوح غير المقنن فضلا عن التباين في العادات والتقاليد واشكال الثقافة الاخرى قبيل ذوبانها وانصهارها مع ثقافة المجتمع الجديد بغض النظر عن سرعتها او بطئها. وهي ليست بالمشكلة التي لا تحل. ولكن المشكلة الحقيقية التي ينبغي علينا الوقوف عندها وايجاد حلول عادلة لها تكمن في استقطاع مئات الهكتارات من الاراضي التابعة للمدن وتمنح باسم هذه القبيلة او تلك لتوزع بين افرادها في صورة لم يعهد لمثلها في التاريخ. فقد اصبحت جل مساحات الارض التابعة للمدينة مصروفة كما اشرت لهذه القبيلة او تلك بما فيها بعض تلك القبائل التي تبعد عن المدينة بعشرات او مئات الكيلومترات. وهذا ان جاز القبول به فانما على حساب ابن المدينة الذي لن يجد له قطعة ارض صغيرة سواء قريبا من مدينته او حتى في تلك الاماكن البعيدة منها والقريبة من مثاوى هذه القبائل والتي لن ترضى بأن يزاحمها هذا الحضري ارضها إلا فيما ندر. صحيح قد كنا نشكو من سطوة المحتل الشمالي على اراضي البلاد  الا ان سيطرته واستحواذه عليها كان بصورة فردية ولا تخلو من بلطجة وعنف مستغلة حق الغالب على المغلوب. اما مانشاهده هذه الايام فالنهب والاستحواذ صار باسم القبيلة ولاجل القبيلة والتي يدين لها افرادها بالولاء على حساب الولاء للمدينة وفقا ولتلك الجدلية القديمة حول الصراع بين البدو والحضر.

*- بقلم/انور السكوتي