استمرار بعض القادة الجنوبيين في التعامل مع مشروع بناء الدولة الجنوبية كأنه مجرد أداة لإطالة أمد الشراكة مع شرعية آيلة للسقوط، دون امتلاك رؤية وطنية واضحة، يُضعف فرص شعب الجنوب في بناء دولة حديثة وقوية. الجنوب بحاجة إلى قيادة تمتلك الشجاعة للتحرر من قيود الماضي ما قبل 2015، وتعمل على صياغة مشروع وطني نابع من إرادة الشعب الجنوبي، مستثمراً التحولات السياسية والاقتصادية الكبرى التي تمر بها المنطقة.
الأسئلة التي يجب أن تُطرح اليوم بوضوح هي: هل يريد الجنوب أن يكون دولة فاعلة ومؤثرة، جزءاً من المشاريع الاقتصادية والسياسية الصاعدة في المنطقة؟ أم سيظل مجرد هامش مرهق بصراعات الآخرين؟ الإجابة على هذه الأسئلة يجب أن تكون نقطة انطلاق لكل القرارات القادمة، لأن الخيارات باتت واضحة، والخطأ في اتخاذ القرار الآن ستكون عواقبه كارثية.
الجنوب لا يحتاج فقط إلى رؤية استراتيجية لبناء دولة حديثة، بل إلى إرادة سياسية قوية قادرة على تجاوز التحديات، وعلى توحيد الصف الداخلي بعيداً عن الخلافات التي أرهقت المشروع الوطني. كما أن التحرر من الإملاءات الخارجية بات ضرورة ملحّة، فالدول لا تُبنى بناءً على ضغوط خارجية، بل بإرادة وطنية صلبة ورؤية تستثمر الفرص المتاحة في زمن التحولات.