هذيان تحت حريق الكهرباء

2025-05-14 21:13

 

هذيان رقم 4

رسالة من الواقع إلى من يعيشون في “الوهم المؤسسي”

تحية جنوبيّة عابقة برائحة المازوت المنقطع، ومصحوبة بصفير الكهرباء التي تزورنا ساعة، وتغيب عنّا ثلاثًا وعشرين… وبعد:

 

من عمق المعاناة اليومية، حيث يجيد المواطن الجنوبي تحمّل الأزمات أكثر مما يجيد تلقي راتبه المتأخر، ومن بين سطور الدراسات والتقارير التي أنهكنا إعدادها، وصغناها بالاقتراحات والمبادرات، ثم وُئدت فوق رفوف الانتظار لأنها لم تُختم بـ”مباركة المعالي”، نكتب إليكم هذه الرسالة.

 

أيها السادة :

إذا كانت أفكار المختصين، ورؤى الباحثين، وصوت الناصحين لا تصل إليكم لأنها لا تمر عبر “مصفاة الولاء”، فاسمحوا لنا باقتراح أبسط لن يكلفكم كثيرا.

 

اسألوا الذكاء الاصطناعي.

نعم، الذكاء الاصطناعي؛ ذلك “الروبوت الوقور” الذي لا يسعى لمنصب، ولا ينتظر ترقية، ولا يطلب حصة في المناصفة، لا ينتمي لأي جناح، ولا يطمح لكرسي مستشار، ولا يسعى لمقعد في هيئة رئاسة، آلة حيادية، تقول ما يجب أن يُقال، دون مواربة، ولا تملّق.

 

اسألوه – ولو سرًا –:التفت يمينا يسارا وتوكلوا على الله لن يضركم شيئا.

 

أسالوه.

• ماذا لو كنتَ رئيسًا للمجلس الانتقالي الجنوبي؟

• كيف تُمثل شعبًا أنهكه الانقطاع، وشتّته الإحباط؟

• كيف تُدار شراكة لم يرَ المواطن منها إلا العناوين؟

• كيف تُحكم مدينة كعدن بـ”22 ساعة طافي” في زمن الثورة الصناعية الرابعة؟

• ما الخطة حين ينهار التعليم، ويتلاشى الأمن، وتتحول مؤسسات الدولة إلى واجهات للزيارات والولائم؟

سيخبركم. حتى إن لم تسألوه، سيحدثكم بصراحة مدهشة.

سيحدثكم عن مهامكم، عن واجباتكم، بل وعن تقارير الأداء التي لم تُكتب قط.

 

أيها السادة :

هذه ليست رسالة معارضة، ولا بيان تخوين، بل نداء صادق من مواطنين أنهكهم الصمت، ومن باحثين أنهكتهم الكتابة في الفراغ، ومن جيل جديد يدرك أن ما عجزت عنه الشعارات، قد تحققه الخوارزميات، إن امتلكنا شجاعة السؤال والإنصات.

 

لا نطالبكم بمعجزة، ولا بانقلاب على الواقع، بل فقط بوقفة جادة مع الذات، واعتراف بأن طريق الخلاص يبدأ من الإصغاء الصادق، لا للمدّاحين بل للناصحين،

وللذكاء الاصطناعي، حين يغيب العقل الجمعي.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

من مواطن يشكو لا يشمت، ينتظر فقط أن تعود الكهرباء، قبل أن تنطفئ آخر شمعة في قلوب الناس.

 

*- د صبري عفيف العلوي