خصوم الجنوب ومشروعه الوطني منهم جنوبيين لم يغادروا المشهد، فقط غيّروا مقاعدهم فحسب بعدما أمعنوا في اليمننة سابقاً، يرفعون راية الاستقلال بيد، بينما اليد الأخرى موغلة في الفساد والمحسوبية، يملأون الفضاء السياسي بحديث الوطنية، فيما ينسجون في الظل شبكات فساد مالي وتجارة الأراضي وزبائنية لا تقل خطراً عن أي تهديد خارجي. إنهم الوجه الآخر للأزمة، يتزينون ببدلات رسمية وخوذ عسكرية، بقدرات أشد وطأة على الداخل الجنوبي.
أنهم أخطر ما يهدد مشروع الدولة وليس العدو الحوثي واليمني وحدهم الذي يقف على الحدود، أو الفاسد الذي يجلس على الكرسي في عدن، فالمحتل يمكن مواجهته بالمقاومة، أما الفساد من قيادات جنوبية أصبح يُعيد إنتاج نفسه كأنه قدر أبدي، يطل كل مرة بوجوه مألوفة وشعارات متجددة. هنا تصبح المعركة الحقيقية: ليست معركة جغرافيا فحسب، بل معركة ضد ثقافة سياسية تحوّيل الوطن إلى غنيمة.