البيان الأخير للأحزاب اليمنية… بين سقوط الحجة ووضوح الحقيقة الجنوبية

2025-12-10 16:29

 

أصدرت مجموعة من الأحزاب والمكونات اليمنية بيانًا في 9 ديسمبر 2025م حاولت من خلاله شن هجوم سياسي على المجلس الانتقالي الجنوبي، مستندة إلى ادعاءات لا ترتقي إلى مستوى الحقائق ولا تنسجم مع الواقع السياسي والقانوني الراهن. ورغم تكرار مثل هذه البيانات في محطات عديدة، إلا أن توقيتها اليوم يكشف حالة ارتباك سياسي مقابل ثبات الرؤية الجنوبية ووضوح مشروعها.

 

اتفاق الرياض… الذي نسوه وتناسوه

منذ توقيع اتفاق الرياض عام 2019م باتت الشراكة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية أمرًا ملزمًا لجميع الأطراف. الاتفاق لم يمنح أحدًا صلاحية التفرد أو الإقصاء، بل أعاد تنظيم السلطة على قاعدة التوازن والشراكة. وعليه فإن اتهام المجلس الانتقالي باتخاذ إجراءات أحادية ليس مجرد تجاهل للاتفاق، بل محاولة لطمس حقيقة أن هذه الأحزاب نفسها عطلت الاتفاق لسنوات ورفضت تنفيذ بنوده حين كانت السلطة مركزة بيدها.

 

إعلان نقل السلطة… حقيقة لا يريدون الاعتراف بها

مع صدور إعلان نقل السلطة في 2022م انتقلت إدارة المرحلة إلى مجلس قيادة يضم مكونات أساسية من بينها المجلس الانتقالي الجنوبي. هذا الإعلان أنهى عمليًا احتكار القرار الذي مارسته تلك الأحزاب عقودًا، ولذلك فإن الادعاء بأنها مرجعية الدولة لا يستند إلى أي أساس قانوني.

 

القوات الجنوبية… على أرضها لا قادمة من خارجها

من أغرب الادعاءات ما ورد في البيان حول قوات جنوبية وافدة في شبوة وحضرموت والمهرة. هذا الوصف يعكس جهلًا بالواقع الجغرافي والقانوني، فهذه المحافظات جزء من الجنوب ومن الطبيعي أن تتحرك فيها قوات جنوبية ضمن نطاق اختصاصها، بينما القوات التي فُرضت على الجنوب من تعز ومأرب سابقًا هي وحدها التي يمكن وصفها بالوافدة.

 

خطاب الإقصاء… من يمارسه فعلًا؟

الأحزاب التي تتهم المجلس الانتقالي بالأحادية هي ذاتها التي مارست الإقصاء لأكثر من ربع قرن، عطلت اتفاق الرياض، سيطرت على مؤسسات الدولة، وأفشلت الشراكة، ثم تتحدث اليوم عن رفض الانفراد. هذا التناقض يوضح أن المشكلة في ما فقدته هذه الأطراف من نفوذ لا في ما يفعله الجنوب.

 

الدولة المنهارة… لا يمكن التذرع بها ضد الجنوب

استدعاء مفهوم الدولة اليمنية لمهاجمة الجنوب يتجاهل حقيقة أن الدولة المؤسسية انهارت منذ سقوط صنعاء عام 2014م. المجلس الانتقالي اليوم يعمل في فراغ سيادي، وضمن إطار شراكة رسمية معترف بها، وبالتالي لا معنى للحديث عن إجراءات خارج الدولة التي لا وجود مؤسسي لها.

 

الاعتراف بالقضية الجنوبية… محاولة فاشلة للإخفاء

البيان نفسه يعترف ضمنيًا بوجود قضية جنوبية وبوجود ممثل لها هو المجلس الانتقالي، وأن أي تفاوض لا يمكن أن يتم دون الاعتراف بالجنوب ككيان سياسي له شراكته ومطالبه. هذا الاعتراف يسقط جزءًا من الخطاب القديم الذي تحاول هذه الأحزاب إعادة تدويره.

 

قيمة البيان… سياسية فقط

من الناحية القانونية لا يلزم هذا البيان أحدًا ولا يمثل مؤسسة تنفيذية ولا يملك أي أثر دستوري. هو مجرد موقف سياسي لأحزاب فقدت حضورها في الجنوب وتحاول التعويض عبر البيانات.

 

خلاصة الموقف

لا يغير هذا البيان شيئًا من الواقع السياسي. المجلس الانتقالي الجنوبي شريك رسمي في السلطة وله تمثيل سياسي وعسكري على كامل جغرافيا الجنوب، ومعترف به محليًا وإقليميًا ودوليًا ويمارس دوره وفق اتفاقات واضحة وملزمة. أما محاولات التشويش التي تطلقها بعض الأحزاب اليمنية فلم تعد تقنع الداخل ولا الخارج، لأن خطابها يتجاهل المتغيرات الكبرى التي شهدتها الساحة خلال الأعوام الماضية. لقد أصبح واضحًا أن الجنوب يسير نحو هدفه بثبات، وأن هذه البيانات ليست سوى صدى لتراجع نفوذ تلك الأطراف أمام مشروع جنوبي واضح الرؤية وقوي الحضور.