للاسف الشديد من خلال متابعتنا للقنوات العربية و المواقع اليمنية و مواقع التواصل الاجتماعي نلاحظ اغلبية التحليلات السياسية لرموز سياسية و شخصيات تدعي التحليل السياسي تنطلق من قناعاتها و رغباتها للواقع كما هي تسعى لتراه و ليس كما يراه الواقع , فالانسان منذ وجوده على الكون و هو يسعى للوصول الى الحقيقة ولكنه يسعى ليراها كما يرغب هو لا كما هي علية بالواقع وهذه الجزئية تنطبق تماما على الاغلبية الساحقة التي نشاهدها عبر القنوات منذ نشوء حركات التحرر العربية حتى يومنا هذا حيث نشاهد معايير لقيمة الرأي حيث لازالت قيمة الرأي للقنوات العربية و المواقع اليمنية و مواقع التواصل الاجتماعي تحدد وفقا لثقل او عدم ثقل القائل والمصدر لا وفقا لصحته او عدم صحته وبالتالي تظل تلك التحليلات مشلولة و مشوهة و ركيكة و تلك النوعية من البشر التي تكتب بخطوط عريضة على شاشة القنوات العربية بعبارة محلل سياسي فانما تلك الشخصيات تنطلق من قناعاتها السياسية و الحزبية و ليس من معطيات الواقع.
لو ركزنا على تلك العينة البسيطة من الشخصيات التي تظهر من وقت الى اخر عبر القنوات و المواقع بتحليلات سياسية فانما هي اجتهادات ورغبات شخصية وعلينا ان نعترف بان لكل انسان سلبيات و ايجابيات و بالتالي لا يوجد انسان ايجابي في كل افعاله و لا سلبي ففي مجملها و من هذه الزاوية يجب علينا نحدد السلبي في نشاط الانسان والايجابي في أفعاله حتى نحافظ على ما هو ايجابي في أفعال الانسان ربما يكون جائزا لك من وجهة نظرك وربما لا يكون غير مقبولا للاخر من وجهة نظر اخرى وهذه الجزئية هي بعينها التي ينطلق منها المحلل السياسي اليمني لرؤيته للواقع كما هو يريده لا كما هي تؤكده معطيات الواقع على الارض و بالتالي ستظل تلك المعضلة قائمة حتى يدرك المحلل السياسي ان مهمته تحليل الواقع بعيد عن موقفه منها و لا يمكن يكون تحليله صحيح و سليم الا في حالة ما انطلق من قناعات معطيات الواقع على الارض وليس من قناعاته ورغباته الشخصية التي يرغبها هو و يريد يركبها على معطيات الواقع الذي يرفضها و يدحضها .
المسافة بين المحلل السياسي الذي يقدم قناعاته ورغباته ويقدمها للمتابعين و المشاهدين على انها معطيات الواقع فانه مثل ذلك المسئول الذي يعتقد ان انصياع الناس لرأيه هو انصياع لحكمته و قدراته القيادية و لم يدرك ان انصياع الناس هو انصياع للسلطة التي يتمتع بها و بالتالي يدرك سطحيه واضمحلال تفكيره عندما يغادر السلطة وهذه الحالة تنطبق تماما على تلك الشخصيات اليمنية التي تقدم نفسها كمحلل سياسي و سوف تدرك مستقبلا ان حالها كحال المسئول الذي غادر السلطة بعد ان ادرك بساطة حكمته وسطحية تفكيره.
ما ذكر اعلاه فانه ينطبق تماما على المواقع اليمنية وبعض المواقع الجنوبية عندما تريد ممارسة الديمقراطية خارج القوانين اي تلك المواقع ترغب ممارسة الديمقراطية في ظل غياب الدولة و في ظل غياب قوانينها و هذا المعادلة تنطبق على المسئول الذي يعتقد ان انصياع الناس لرأيه هو انصياع لحكمته و قدراته القيادية كما هو الحال للمواقع اليمنية و بعض المواقع الجنوبية التي اغلبيتها يتصورون ممارسة الديمقراطية خارج القوانيين في ظل غياب الدوله يحقق الديمقراطية و بالتالي على تلك المواقع مراجعة حساباتها لانه لا يجوز ان تمارس الديمقراطية في ظل غياب القوانيين التي تحميها و لا يجوز ان تنشط القوانيين في ظل غياب هيبة الدوله و من يتصور وجود الديمقراطية خارج القوانين و غياب الدولة التي تحميها لا يمكن الا ان يكون حاملا لثقافته القروية التي تتعاطئ مع العاطفة خارج منطق العقل ولا علاقه لها بالعلمية .
ختاماً.
رسالتي للاخوة اعضاء اللجنة التنسيقية التي مهمتها ايجاد حامل سياسي للقضية الجنوبية و اقول لهم التالي:
مهما كانت قيمة و ثقل القائد السياسي الجنوبي فانها تظل محدوده و ضيقة الافق كمشروع قضية الجنوب فمثلا كم شاهدنا من زعماء سياسيين كان لهم باع طويل في ثورة الجنوب رغم كل ذلك الارث السياسي اصبحوا غائبين عن الحياة السياسية بمعناها الصحيح ولو كانت خلفهم احزابا سياسية جنوبية لكانت دول التحالف والشرعية محتاجه لهم و بالتالي فان نشاط قضية الجنوب يفتقر للحامل السياسي لانه من المستحيل ولا يجوز ان يتعاطئ معك العالم و دول التحالف خارج اطار سياسي يمثلك مما جعل دول التحالف و الشرعية تحويلكم الى شقاه وقت الحاجة ولهذا اعلنت اللجنة التنسيقية القيام بمهمة تغطية هذا الفراغ السياسي وهي رسالة لدول التحالف و للشرعية بان اي مخاطبه سياسيه ستكون عبر الحامل السياسي للجنوب دون غيره وهو الغطاء السياسي للمقاومة الجنوبية الميدانية من خلال تمثيلها في اي حوارات قادمة كانت على المستوى العربي او الدولي .
*- الدكتور علي الزامكي – باحث وخبير استراتيجي – موسكو