انهم يبيعون لبنان لبنيامين نتنياهو

2025-09-05 15:59

   

مثلما باع السوريون , بتصدعهم السياسي , وتصدعهم الطائفي , بلادهم الى رجب طيب اردوغان , هل يبيع اللبنانيون أيضاً , بتصدعهم السياسي , والطائفي بلادههم الى بنيامين نتنياهو الذي , بذلك النوع من الجنون , يتصرف وكأن لبنان وسوريا في قبضته . هما حقاً في قبضته ..

  لنعود الى ذلك المصطلح الذي تفرد عالم السياسة الفرنسي موريس دوفرجيه باطلاقه "الأحزاب العمياء" . وهي الأحزاب الديماغوجية الشائعة في بلادنا , والتي لا تتفاعل لا مع الأفكار الأخرى , ولا مع التحولات على الأرض . فرنسوا ميتران قال , عندما كان رئيساً للحزب الاشتراكي , "مهمتنا ألاّ نتوقف البتة عن صناعة الحياة" .

  لا نتصور أن ذلك المصطلح ينطبق على أي من الأحزاب , أكثر مما ينطبق على الأحزاب الطائفية , بالبنية التفكيكية , أي التوجه الايديولوجي نحو اقامة الدويلات , أو الكانتونات , ودون أن يتوقف دورها عند تحطيم ثقافة الديمقراطية , كما ثقافة العدالة , في الدولة , وانما الهيمنة الأخطبوطية على الدولة , لنكون أمام النماذج الأكثر سوءاً , وحيث الدمج الميكانيكي بين مفهوم الدولة ومفهوم الدين , خصوصاً , في حقبة تحولت فيه الديانات الى ايديولوجيات تكرس حالة الانغلاق , والكراهية , أي الخروج من الحرب الأهلية للدخول في حرب أخرى .

  تلك الأحزاب (أحزابنا) التي تراهن على الخارج من أجل القضاء على حزب آخر , يمثل حالة استثنائية في دحره للاحتلال عام 2000 , ولو بالقوة العسكرية , حين تكون على حدودنا دولة مسكونة بايديولوجيا توراتية تقوم على اجنثاث الآخر , ودون الالتزام بأي من المواثيق الدولية , ولا بالمواثيق الالهية , وحين نكون في دولة الأزمات الأبدية , والتسويات الأبدية . الكل يعلن التمسك بوثيقة الطائف , وبدستور الطائف , الذي هو عبارة عن نص انتقالي يفترض , وفقاً للمادة 95 منه , انهاء الطائفية السياسية في البلاد , واقامة دولة المواطنة .

    لدى اعلان الرئيس شارل ديغول قيام الجمهورية الخامسة , قال "هذه لحظة انقاذ فرنسا من الموت" . من يتجرأ على انقاذ لبنان من الموت .؟أحزاب طائفية عمياء , وتدار بالخيوط الخارجية , وبالأموال الخارجية . أليست مواصفات المرتزقة ؟

  مراسل احدى الشاشات نقل عن مسؤولين في واشنطن اتجاهها الى تنفيذ الخطة "ب" , اذا لم تنجح السلطة اللبنانية بنزع سلاح "حزب الله" , أي اللجوء الى  القوة السكرية لتحقيق ذلك , ولكن كيف ؟   بعمليات انزال في وسط الضاحية أم بالغارات الجوية الأميركية أو الاسرائيلية , وربما بتمويل عربي لأن هناك من يرى في "حزب الله" القوة الأساس المتبقية في المنطقة من التركة (الجيوسياسية) الايرانية .

  ولكن هل أن الحزب الذي تمكّن , بدم أبنائه . من اجتثاث الأقدام الهمجية من الجنوب , وأيضاً من السفوح الشرقية , فعل ذلك من أجل طائفة بعينها , أو من أجل منطقة بعينها , أم من أجل لبنان ؟ ثمة أحزاب , وقوى سياسية , في لبنان لا تجد أي عائق في التعويل على العامل الاسرائيلي في ازالة "حزب الله" من الوجود بالرغم من اعلان نتنياهو سعيه الى اقامة "اسرائيل الكبرى" , وهو المشروع التوراتي الذي يلحظ ازالة لبنان , واللبنانيين , 

   هل يمكن للعمى السياسي , أو للعمى الطائفي , أن يصل الى ذلك الحد من الزبائنية , أن ببيع أساقفة الطوائف أرواحهم الى الشيطان كما فعل "فاوست" في رائعة غوته الشهيرة ؟ 

  الآن , الدولة في عنق الزجاجة . واقعاً كل اللبنانيين في عنق الزجاجة حين يكونون أمام الجنون الاسرائيلي , وأمام الجنون الأميركي . هل صادف وقام "حزب الله" بضرب واشنطن أو نيويورك أو شيكاغو , لتتعامل أعظم أمبراطورية في التاريخ   معه , كقوة تهدد أمنها الاستراتيجي , وكذلك أمن العالم ؟

 الرئيس نبيه بري رأى في الحوار السبيل الوحيد لبلورة استراتيجية دفاعية , يندرج , في اطارها , تخلي "حزب الله" عن سلاحه , وهو ما يواجه بالرفض من قبل قوى فاعلة على الساحة السياسية , والحكومية , وترى في الحوارمحاولة لاضاعة الوقت فيما الأذن الأميركية والاسرائيلية على ثقب الباب , أي لا مجال البتة للتسويف , وان كان ثابتاً أن الحكومة الاسرائيلية لم تقدم على أي خطوة , أو تتفوه بأي كلمة , يمكن أن تتستشف منها الرغبة في الانسحاب من التلال الخمس , أو في وقف الانتهاكات اليومية للأرض اللبنانية .

  لا أميركا تستطيع تفكيك "حزب الله" , ولا اسرائيل التي عجزت على مدى عامين من احتواء حركة "حماس" في غزة , بالرغم من أنها قضت على كل قادتها , وبعدما شاهد العالم الأداء الأسطوري للمقاتلين الفلسطينيين , وهو ما أظهره المشهد في جنوب لبنان حين واجه ألفا مقاتل  60000 جندي اسرائيل , بالدعم الجوي الهائل , وبمئات الدبابات التي كانت تظهر بشكل حيوانات خرافية , وهي تحاول التقدم , ولكن دون جدوى .

  حتى الفرنسيون نصحوا من نصحوا بألاّ يبيع اللبنانيون بلدهم لأي كان , خصوصاً لنتنياهو الذي قالت المؤرخة اليهودية الأميركية آفيفا تشومسكي انه "أكثر وحشية من أن يكون هولاكو القرن , حتى أن الشيطان بالكاد يستطيع اللحاق به ..." !