شراكة بلا أساس:

2025-09-20 18:23

 

لماذا تخلى الانتقالي عن زمام الأمور؟

في المشهد السياسي المعقد،الذي نعيش تفاصيله حاليا تطرح تساؤلات جوهرية حول حقيقة الشراكة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية، أو ما يسمى بـ"الشرعية". فالمجلس الانتقالي، الذي يمثل تطلعات شعب الجنوب، يبدو وكأنه تنازل عن مقومات قوته لصالح من لا يملك ما يقدمه.

ففي الواقع فأن الشراكة بين المجلس الانتقالي و"الشرعية اليمنية" التي لا تمتلك من الشرعية سوى اسمها وهذا الوصف الصريح ينبع من واقع ملموس: فالحكومة اليمنية لا تسيطر على أرض ذات سيادة، ولا تملك موارد مستقلة خارج جغرافيا الجنوب، ولا تحكم شعباً غير الشعب الجنوبي. حتى جيشها المبعثر يعتمد في رواتبه على موارد الجنوب. وبناءً على هذه الحقائق، فانه يتوجب علينا أن نسأل: على أي أساس قامت هذه الشراكة؟ وكيف يمكن لكيان لا يملك شيئاً أن يصبح شريكاً متساوياً، بل وأكثر حظاً، في كل ما يخص الجنوب؟

 

المفارقة العجيبة تكمن في أن المجلس الانتقالي، الذي يملك الأرض والموارد والقرار والسلطة،والقضية والحق والتفويض والجماهير  تخلى عن كل ذلك لصالح "الشرعية". ومنحها دون ان يكون مضطرا لذلك حق الاستئثار بالقرار والتصرف بموارد الجنوب، في حين لم يأخذ هو سوى "الفتات"على نحو غريب حيث أصبحت "الشرعية" شريكاً في الجنوب وفي ثرواته وقراره وحكم شعبه،فقط بينما هي لا تستحق حتى أن تكون شريكة بعامل واحد في "صندوق النظافة" بعدن . اذ انها حصلت على نصيب الأسد في الجنوب، بينما لم يحصل المجلس الانتقالي إلا على الفتات، على الرغم من أنه كان ولا يزال يستطيع أن يستأثر بكل شيء.

ويبدو ان المجلس الانتقالي قد فرط في كل ما يملك من مقومات القوة والحق والقانون، وأخلى مكانه للشرعية دون سبب مقنع. هذا التصرف يضع المجلس الانتقالي في موقع يجعله يبدو وكأنه يمثل "الشرعية" والقوى اليمنية الأخرى، ولا يمثل الجنوب وشعبه الذي فوضه. وبدلاً من أن يكرس إمكاناته لخدمة القضية الجنوبية وتحقيق تطلعات شعب الجنوب نحو الاستقلال، أصبح الانتقالي يعمل على تحقيق أهداف وتطلعات "الشرعية" والقوى اليمنية، التي تتعارض مع القضية الجنوبية.

وفي هذا السياق، أصبحت القضية الجنوبية "قضية ثانوية في أجندات" المجلس الانتقالي، بينما أصبحت الأولوية للقضية اليمنية. هذا التحول الجذري في الأولويات يثير مخاوف جدية حول مستقبل القضية الجنوبية، ويجعلنا نتساءل: هل كانت هذه الشراكة، التي قيدت قرار المجلس الانتقالي المستقل، هي الهدف الأسمى، أم أنها كانت مجرد وسيلة لتبديد القوة وإضاعة الفرص؟