بن_لزرق.. وصناعة اليأس: "كيف يُوظَّف الإعلام لإجهاض الاستقلال عبر الفساد المفتعل؟"
لا تبحث عن الحقيقة في صخب الشعارات ولا هتاف الحناجر؛ فالحقيقة غالباً ما تختبئ تحت ركام الأزمات المصنوعة ببراعة. واليوم، سنقف أمام لغز الجنوب، وهو ليس لغزاً يتعلق بالفقر أو سوء الإدارة الظاهر، بل لغز يرتبط بعمق الدور المحوري لـفتحي بن لزرق وأقرانه من الصحفيين، على نحو لا يمكن فهمه إلا بإدراك أبعاد المؤامرة المنهجية التي تحاك بخيوط خفية وواضحة من خلف الواجهة.
فما يدور في الجنوب منذ عشر سنوات ليس مجرد فشل عشوائي للإدارة؛ بل هو سيناريو مُحكَم ودقيق يستهدف في جوهره إخراج الشعب الجنوبي إلى الشوارع في مظاهرات "سلمية" ضد السلطات المعنية في عدن. لكن المطلب ليس هو الهدف، بل هو الأداة.
حيث يم افتعال الأزمات الخدمية والمعيشية والاقتصادية الحادة للمواطن على نحو مُتعمَّد ومدروس، ليس لأن الفساد حدث عفوي، بل لأنه أداة ممنهجة لدفع الناس إلى مستوى من المعاناة بحيث يجعلهم يستسلمون ويركعون. فالوصول إلى مرحلة الخروج في مظاهرات سلمية للمطالبة بمعالجة هذه الأزمات القاسية والمفتعلة، يعتبر مؤشراً ودليلاً واضحاً للجهات الدولية التي تقف خلف هذا المخطط على أن الشعب بات جاهزاً ومستعدا عند هذا الحد للتنازل عن قضيته وأهدافه السياسية والوطنية الكبرى، المتمثلة في تحقيق استقلال الجنوب واستعادة دولته. فالتنازل هنا لا يتم عبر خطاب سياسي، بل في رغيف خبز وقطرة ماء وساعة من الكهرباء..
لذا، فمن الضروري أن نفهم أن كل ما ينهش جسد الدولة ليس سوى نتيجة لهذا المخطط الخارجي. فالفساد الذي يبدو عميقاً، ونهب المال العام، والأزمات الخدمية، واعمال البلطجة والاعتداء على الأراضي والأحواش، والفوضى العارمة، كلها أمور مفتعلة ومقدمات ضرورية لتنفيذ المخطط بهدف وحيد يتمثل في دفع الناس للخروج في مظاهرات سلمية للمطالبة بوضع حد لهذه القضايا، التي هي في الأصل مُفتعلة.ومتعمدة من اجل تحقيق هذه الغاية.
ومن هنا تحديداً يأتي الدور الحاسم لـفتحي بن لزرق ومن على شاكلته من الصحفيين. حيث أُوكلت لـبن لزرق مهمة محددة داخل هذا المخطط تتمحور حول قيامه بنشر قضايا الفساد والأزمات المفتعلة عبر صحيفته "عدن الغد" وعبر حساباته ومنصاته الرقمية في مواقع التواصل الاجتماعي ليس من باب كشف الحقيقة، بل كسلاح تدمير نفسي، مدعوم بشكل كامل من القوى الخارجية التي تتبنى هذا المخطط.
والهدف ليس الإصلاح، بل التأثير على الشعب وزرع الإحباط واليأس في صفوفه تجاه قضيته وأهدافه الوطنية الكبرى، التي تتمثل في الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية. من خلال القضايا التي ينشرها عن الفساد وأعمال البلطجة والأزمات، وكلها تهدف إلى دفع المواطن إلى الخروج في مظاهرات للشارع، لا للقتال من أجل الاستقلال، بل للمطالبة بمعالجة الأزمات المعيشية والخدمية المفتعلة.
وبخروجه هذا، يكون المواطن قد تنازل فعلياً عن قضيته الوطنية الجوهرية، وأصبح جاهزاً للقبول بأي حل سياسي آخر يتعارض معها. فيتحوّل الهدف الأسمى – الاستقلال – إلى مجرد أزمة ثانوية أمام المطلب الأولي – العيش الكريم. وهذا هو جوهر الدور الذي يلعبه فتحي بن لزرق والكثير من أمثاله: تحويل صوت الصحافة إلى منبر لليأس والاحباط، تمهيدا لتصفية الأحلام الوطنية تحت وطأة الحاجة المفتعلة في استراتيجية شيطانية تلبس ثوب الحق، وتستغل المعاناة لإنهاء قضية شعب.