تحية طيبة مقرونة بذكرى الصداقة والنضال المشترك بين والدك وعمك اللواء الركن حسين عثمان عشال ووالدي، رحمهم الله جميعاً.
*- شبوة برس – م جمال باهرمز
قبل رحيل والدي بسنة، سألته عن رأيه في الفترة التي سبقت الوحدة والتي تلتها، فأجابني بأن الجنوب قبل الوحدة كان "جنة" مقارنة بالوضع الحالي. هذا الرأي لم ينبع من فراغ، بل من معاناة شخصية عايشها، حيث سُجن أكثر من سبعة عشر مرة وصودرت ممتلكاته بعد ثورة أكتوبر بسبب موقفه الداعم للرئيسين قحطان الشعبي وسالمين.
لطالما استمعت لوالدي ورفاقه من المناضلين الكبار، وكان جل نقاشهم يتمحور حول خطأ القادة السابقين في تغاضيهم عن خطر بعض العناصر الدخيلة على الثورة، والذين تحولوا لاحقاً إلى أدوات ساهمت في تهميش المناضلين الأصليين وتسليم الجنوب لمصير مرير تحت مسمى الوحدة.
نحن جيل اليوم لا نرغب في تكرار أخطاء الماضي، حيث اضطر الآباء لقبول دمج تلك العناصر تحت ظروف وإملاءات خارجية. وجودكم اليوم في أحزاب معينة ينقل صورة خاطئة للعالم مفادها أن تحرير عدن هو مقدمة لصنعاء، مما يشرعن وجود هذه الأحزاب في القرار الجنوبي.
إن ما يحدث الآن من قبل بعض القوى في صنعاء داخل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، من محاولات لتصفية المجلس الانتقالي الجنوبي ورموزه، هو صدى لدور تلك العناصر الدخيلة سابقاً. أترضى أنت بهذا؟
أخي علي، الدرس المستفاد من مأساة آبائنا واضح: يجب الحفاظ على الجنوب وعدم تسليمه مرة أخرى لعصابات صنعاء. عودوا إلى شعبكم، فولاؤكم يجب أن يكون للجنوب أولاً وأخيراً. الامتيازات التي قد تمنحها لكم صنعاء لا تقارن بما يمكن أن تحققوه في دولة جنوبية مستقلة.
إذا كانت المبادئ التي تدافع عنها هذه الأحزاب، مثل الثورة والجمهورية والوحدة، هي ما يبقيكم معها، فاسأل نفسك: هل بقي من هذه المبادئ شيء على أرض الواقع في صنعاء؟ لقد تنكر الكثيرون منها وارتموا في أحضان الإمام الجديد.
لقد شاهدت بنفسك كيف تُوجه الجهود لضرب عدن بدلاً من دعم تحرير الشمال من الاحتلال الحوثي. من هو الانفصالي الحقيقي؟ من يرفض إرسال إيرادات محافظاته إلى عدن؟ من يحاول طمس هوية الجنوب وحضارته العريقة وينسبها لنفسه؟
لقد دفع شعب الجنوب ثمناً باهظاً منذ الوحدة: آلاف الشهداء والجرحى والمشردين. ومع ذلك، لا يزال أبناء الجنوب في الجبهات يصمدون دفاعاً عن الأرض، بينما يتقاضى آخرون رواتبهم من ثروات الجنوب وهم يناورون أو حتى يتعاونون مع العدو.
أناشدك باسم الله وبمصلحة شعب الجنوب الذي عانى الكثير، أن تسمع هذه النصيحة وأن تعيد النظر في موقفك، من أجل مستقبل الجنوب وكرامة أبنائه.
م. جمال باهرمز
٢٨ سبتمبر ٢٠٢٥