رحلة تكشف المستور

2025-10-05 15:10

 

رغم أن العالم كله يدرك حجم المظلومية التي يعيشها أبناء الجنوب منذ سنوات طويلة، إلا أن الواقع على الأرض يفوق كل وصف، ويكشف عن معاناة لا مثيل لها.

 

اليوم قادتني قدماي في جولة استطلاعية إلى بعض أحياء محافظة عدن، فكانت الرحلة كاشفة للمستور. رأيت بأمّ عيني شباباً يقفون في الشوارع العامة، يبيعون قوارير الماء وبعض البضائع البسيطة ليقتاتوت منها ويعيلوا أسرهم، في صورة تعكس قسوة الحياة وانسداد الأفق أمام جيل بأكمله. كما وقعت عيني على نساء يتسولن في الطرقات طلباً للقوت، في مشهد مؤلم يوجع القلب ويؤكد حجم المأساة.

 

وما يلفت النظر أيضاً أن أغلب العمارات والمنازل قد غطّت أسطحها ألواح الطاقة الشمسية، ليس رفاهيةً أو اختياراً، بل اضطراراً لمواجهة ساعات طويلة من انقطاع التيار الكهربائي الذي حوّل حياة الناس إلى جحيم تحت لهيب الصيف القاتل. فاضطر الأهالي إلى شراء الألواح الشمسية والبطاريات بأسعار باهظة لا يقوى الكثيرون على تحمّلها، لكنهم لجأوا إليها مضطرين كي يحتموا من عذاب الحر والظلام الدامس.

 

كل ذلك يحدث بينما ينهب المتنفذون خيرات الجنوب ويحوّلونها إلى أرصدة في الخارج، وينعمون بها في عواصم العالم، حيث يدرّسون أبناءهم في أرقى الجامعات، فيما أبناء الجنوب يرزحون تحت وطأة القهر والحرمان.

 

إنها رحلة قصيرة، لكنها كشفت مستوراً كبيراً، وأكدت أن هذا الشعب يعيش "ما وراء التاريخ"، نتيجة فساد حكومة الشرعية وعجزها عن تقديم أبسط مقومات الحياة. وما يعيشه أبناء الجنوب اليوم لم يشهده أي بلد في العالم.

 

مناشدة إلى الرباعية الدولية

 

إن ما يجري في الجنوب لم يعد يطاق، ومعاناة الناس تجاوزت حدود الصبر. ومن هنا، فإننا نناشد الرباعية الدولية للضغط على حكومة الشرعية من أجل القيام بإصلاحات جذرية وحقيقية تغيّر الواقع الحالي إلى واقع آخر أفضل، يرفع المعاناة عن كاهل الناس، ويعيد لهم بعضاً من حقهم في حياة كريمة تليق بإنسانيتهم.

 

وفي الوقت نفسه، نتقدم بجزيل الشكر والتقدير للرباعية الدولية على ما قدمته في السابق من جهود ومواقف إنسانية ودبلوماسية، آملين أن تتوج هذه الجهود بخطوات عملية ملموسة تُحدث التغيير المنشود وتخفف من معاناة شعب الجنوب.