الخطاب الغرائزي لركوب الأزمات السياسية

2014-09-29 09:04

         

ركبت كثير من القوى السياسية والحزبية والمتغطية بلباس الدين والتقوى والنصح أزمات أمتنا العربية والإسلامية المتكاثرة وغير المنتهية للمتاجرة بالآم وماسي أمتنا وشعوبنا ، وظل هذا الخطاب الغرائزي يحرض الشعوب ويستفزهم لخلق المزيد من الصراعات ليفرز الصراع المحتدم مؤسسات وجماعات ومنظمات وأحزاب وجمعيات ترفع شعارا اسلامويا فارغا ومسيسا ، بينما يزداد الواقع اسودادا .

فقضية فلسطين وأزمة العراق وليبيا وسوريا وبورما وأفغانستان ما زالت جرحا ينخر بجسد الأمة العربية والإسلامية التي تكابد الاستعمار والقهر ليقابل هذه الصورة المظلمة صورة لأموال وجبايات وشركات ومصارف كونت ثروات فاحشة من استغلال هذه القضايا والمتاجرة بها .

         

أطلق نائب رئيس جمعية علماء اليمن صرخة استغاثة هستيرية مفادها بان اليمن والسنة والإسلام سيسقط إذا سقطت صنعاء إبان الصراع السياسي بين الحوثيين وقوى الاصطفاف الوطني .

انكشف الغبار السياسي وسقطت صنعاء بيد الثوار وتوصلت الأطراف المتصارعة لاتفاقية السلم والشراكة الوطنية ؛ ليتضح بان الخطاب التهيجي المقصود به تخويف الناس وإشاعة الفوضى والبلبلة والسعي لخلق صراع طائفي " سني شيعي " بين اليمنيين يستمر أجيالا كثيرة تمزق اليمن وتشظيها ويهيئ الساحة اليمنية لصراع سياسي وحزبي وإقليمي تكون أشلاء وشظايا الأبرياء وقوده وشعلته ، وهذا الصراع المفتوح سيحول اليمن إلى دكان وسوبر ماركت كبير للثراء وتدفق الأموال والأسلحة ليحقق لقوى الارتزاق اكبر تجارة مالية واقتصادية .

         

إلى متى سيظل الخطاب الغرائزي الطائفي يحكمنا ويحطم أمالنا ويمزق عرى سلمنا الاجتماعي عند كل منعطف سياسي وحزبي ؟! ، هذه الخطاب يحاول شيطنة أطراف سياسية ووطنية ويوجه كل صراع وخلاف سياسي وحزبي لصراع ديني مذهبي وطائفي ، أيها الخطباء الذين ركبوا على ظهورنا وتحكموا بمصيرنا ومصير أولادنا وأجيالنا التعيسة ـ إن الصراع في صنعاء هو صراع سياسي على السلطة ومكتسباتها ولا ارتباط له بالدين والسنة والإسلام لا من بعيد ولا من قريب ، وإن تلبس هذا الصراع المسلح لباس الدين والمذهب والطائفة ؟! .

 

          ما زال الخطاب الغرائزي يتوسع في الإعلام اليمني والعربي يقتنص الهفوات ويصطاد الزلات السياسية والحزبية ويكبرها ليجر البلاد إلى صراع عسكري ديني مذهبي طائفي يخرج الجميع منه خاسرين ، ويتحول الشعب اليمني والجنوبي إلى لاجئين ومشردين ، كما هو حال المواطنين في العراق وليبيا وسوريا ! . يروج الإعلام الحزبي لاقتحام بيت رئيس الوزراء السابق فرج بن غانم لاستفزاز الجنوبيين نحو صراع عسكري قائم على إحياء النعرات والصراعات الطائفية والدينية ، وتزعم قنوات عربية بان الحوثيين منعوا أهل السنة في اليمن من الصلاة في الجوامع وتم قتل قياداتهم وتخريب مؤسساتهم وبيوتهم . والذي يعايش الواقع يتساءل ما جدوى هذه الفبركات الإعلامية سوى تهيئة المسرح اليمني لصراع طائفي ومذهبي وديني وعسكري تصفي القوى الأجنبية والخارجية حساباتها السياسية والحزبية والشخصية ؟! ، وللأسف تجار الحروب والأزمات يتوقون لاشتعال شرارة الحروب والصراع والعنف ، فهل سنلغي عقولنا ونتبع غرائزنا لنصير وقودا لحرب طائفية وتصبح دمائنا وأعراضنا وقودا لها ؟! .