أعاد الرئيس هادي للعقل الجنوبي مكانته علي المستوي السياسي انها ضربة معلم وإمام الرئيس ثلاثة سيناريوهات من وجهة نظري
السيناريو الأول - تبني القضية الجنوبية ليصبح زعيمها وقائدها برغم تقولات الكثيرين عليه من الجنوبيين فهو اثناء مدة رئاسته خدم القضية الجنوبية اكثر من القادة الجنوبيين السابقين وعليه الان امام التركيز الإعلامي علي خبر خروجه من صنعاء الي بلده عدن والجنوب ان يوجه عدة رسائل الي الداخل والإقليم والدولي
١- الي الداخل
الى اليمنيين وقواه السياسية والمجتمعية انه حاول بقدر الإمكان العمل علي محاولة الحفاظ علي الوحدة التي كان للجنوبيين المبادرة بإطلاقها عبر خيار النظام الفيدرالي للتأسيس للدولة المدنية وسيادة القانون ولكن اتضح له وامام الشعب اليمني ان هذا المشروع قد تم إفشاله من قبل القوي التقليدية والعسكرية والدينية المتطرفة التي لم تقو القوي المدنية المقابلة في الشمال بسبب ضعفها ونواتها المبتدئة لن تتمكن في وقت قريب التغلب علي تلك القوي المتحالفة والشعب اليمني في اغلبه الذي وضع في حالة من الأمية المتعمدة يتجاوب مع تلك القوي المتخلفة ضد مصلحته وعليه يري ان وجود دولة جنوبية قوية علي حدوده ستساعده في المستقبل في تحقيق تطلعات الشعب اليمني الذي لا تستطيع غالبية الأحزاب اليمنية الكبري مساعدته كما أظهرت الازمة الاخيرة استعدادهم في المناورة والبحث علي مكاسب لاحزابهم ولو كان ذلك علي حساب المصلحة الوطنية لليمن
٢- الي القوي الإقليمية
عليكم دعم تطلع شعب الجنوب في استعادة دولته بحكم موقعه الاستراتيجي ومساحته وثروته ووجود جالية جنوبية كبيرة في أراضي دول مجلس التعاون الخليجي التي أظهرت طيلة وجودها في الخليج احترامها للدول وأنظمتها السياسية المتواجدة فيها وستكون همزة الدعم. والتكامل
مع الدول الخليجية وليست ضدها استعداد الجنوب في مواجهة القاعدة والدواعش قبل ان تتطور وتنمو في الجنوب وتشكل خطرا علي الخليج بحكم إيمان الجنوبيين بالمفهوم الوسطية للدين الاسلامي والذي لم يشهد طيلة تاريخه انه كان مصدر او موطنا لجماعات التطرف الديني كما هو الحال في الشمال والمخاوف المشروعة عند بعض الدول مثل المملكة والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان من إمكان منافسة ميناء عدن ومنطقته الحرة لجدة ودبي ومسقط يمكن معالجة ذلك عبر مشاريع متكاملة بين الأطراف الثلاثة ولدينا تجارب دول الاتحاد الاوروبي كنموذج يمكن الاقتداء به
٣- الي القوي الدولية
تأمين الملاحة الدولية من خلال سيطرة الجنوب علي المواقع الاستراتيجية الهامة من باب المندب وخليج عدن وبحر العرب وإطلالها علي المحيط الهندي العمل بجدية وفعالية في محاربة الإرهاب والحيلولة دون انتشار داعش الي هذه المنطقة واستئصال القاعدة بالتعاون مع القوي الكبري الدولية التي تحارب الإرهاب علي مستوي العالم التخلي عن ازدواجية المعايير عند الغرب من تأييد حق الشعوب في تقرير مصيرها ودعمها لاستقلال أوروبا الشرقية وفي مناطق اخري من العالم في الوقت الذي تتحفظ علي ممارسة هذه الحقوق نفسها لشعب الجنوب أظهرت الأحداث الاخيرة في اليمن اثناء اعداد مخرجات الحوار الوطني وبعد الانتهاء منه ان اليمن ليس جاهزا لتقبل الدولة المدنية وسيادة القانون و ببناء التجربة في الجنوب الذي بحكم الاستعمار البريطاني قد عمل بنجاح على إقامة الدولة المدنية وإعطائه الفرصة الان بتكرار التجربة سيخلق نموذجا لليمن والقوي المدنية فيه الي السعي باالاقتداء بالنموذج لتحقيقه في بلدهم في المستقبل و أهمية النماذج كبيرة للشعوب كلها
السيناريو الثاني - استقلال الشرعية الدستورية في العمل علي تنفيذ مخرجات الحوار
- تجميع المناطق التي اعترضت علي انقلاب الحوثيين تحت قيادته كرئيس شرعي منتخب من قبل الشعب ومعترف به من المجتمع الدولي والإقليم
- العمل وفق المبادرة الخليجية والقرارات الأممية وإلغاء اتفاق السلم والشراكة الذي يقيد صلاحياته وفق الدستور
السيناريو الثالث - الحل بين السيناريو الاول والثاني
- التأكد من قدرة النخب السياسية في التلون وتغيير مواقفها حسب مصالحها الآنية الأنانية بغض النظر عن مصالح اليمن نفسه
- التنبه ان الدعوة الي التدخل الخارجي سلاح ذو حدين فإذا تدخلت قوي خليجية في اليمن سيؤدي الي تدخل مفتوح أيضاً من قبل ايران لدعم الحوثيين واذا كان تدخل دولي وليس إقليمي قد يكون شرا اقل ومع ذلك سيخلق وضعا خطيرا في المنطقة ويدخلنا في صراعات خطيرة
- السيد الرئيس ادري بمعرفته كعسكري وسياسي انه اذا أراد استغلال الفرصة من اجل استقلال الجنوب قد يواجه في التوقيت الحالي الى تناسي الشمال لخلافاتهم وتجمعهم للحفاظ علي الجنوب ليس حبا في الوحدة وإنما من اجل الحفاظ علي ثروة الجنوب وموقعه الاستراتيجي التي تهم العالم ولكن اذا تبني استقلال الجنوب فهو الأفضل في كيفية تعبئة القوي العسكرية والأمنية الجنوبية في مواجهة الوضع ومعرفته بعناصر القوة والضعف لدي الجيش اليمني لمواجهته إذن حساسية الوضع قد تجعل الرئيس إما الشروع في اعلان استعادة الجنوب لدولته او تأجيل هذا الامر لفرصة اخرى وفق موازين القوي و تهيئة ظروف إقليمية ودولية اكثر مناسبة لتقبل استقلال الجنوب الرئيس وحده هو الذي يستطيع.تقييم ذلك حاليا في حالة اختياره السيناريو الثاني عليه هذه المرة اتخاذ القرارات المناسبة دون تردد من اجل زرع الكفاءات الجنوبية في جميع مفاصل الدولة
الخلاصة
انها لحظة تاريخية ومنعطف خطير امام الرئيس هادي في دراسة الخيارات المختلفة بدقة وبصيرة والله المعين لشعب الجنوب والمنطقة
* د محمد علي السقاف - استاذ القانون الدولي السابق في جامعة السوربون - المقيم في بريطانيا