الأسواق والملبوسات والأقمشة في عدن : (الحلقة الثانية)

2018-06-04 22:35
الأسواق والملبوسات والأقمشة  في عدن : (الحلقة الثانية)
شبوه برس - خاص - عدن

 

لاهتمامي بالأناقة والملابس الرجالية في تلك السن المبكرة سأتكلم عنها، وأذكر أثناء زيارتي لعدن .. كانت أسواق عدن حافلة بشتى أنواع الملابس..من أوربا وآسيا.. محلات تبيع القمصان والبنطلونات والبدل من  انجلترا ..والفوط من الهند بجميع أشكالها وماركاتها.. و يتلاعب بعض  التجار بالأسعار خاصة مجلات التجزئة ..كما حدث معي في إحدى زياراتي لأسواق مسجد النور في  الشيخ عثمان..عندما  كنت أتجول بعد المغرب في تلك المحلات.. ومعظم الباعة فيها من الحجرية ويمتازون بالدهاء وطول النفس والمراوغة مع الزبائن.. دخلت أحد المحلات وأشرت بيدي على فوطة نوع يشبه "السمرندا" أعجبتني .. سألت البائع عن سعرها؟!

فقال لي : مائة شلن..!! وهذا مبلغ كبير في تلك الأيام.. وقد حذرني العديد من الأصدقاء من هؤلاء الباعة .. وقالوا لي: "راجلهم.. "أي ساومهم قدر ما تستطيع..

فأخذت أساوم البائع .. ثم أتظاهر بالخروج .. ثم يناديني .. وأدخل وهكذا..

100 شلن.. طيب تعال: 80 شلن.. وهكذا استمرت المساومة.. حوالي ربع الساعة وفي النهاية قال لي: تعال تشتري بعشرة شلن..!!؟؟

وخرجت وتركته.. واختلط علي الأمر ولعدم خبرتي بنوع البضاعة داخلني الشك ورفضت الشراء وانصرفت..!!!

 

السوق الطويل:

كان يوجد فيه بعض المحلات الراقية وأسعارها محدودة ومعروفة.. اشتريت من عند أحد الباعة قميص (فان هاوزن ).. جميل جدا بمبلغ 45 شلن..!  وهو من الماركات ا لراقية جدا، و اشتريت قميصا إنجليزيا آخر  ماركة "ريل بروك" بنفس السعر.

أما قماش البنطلونات الرجالي يوجد الموهير الإنجليزي..والترجال الفرنسي وأنواع عديدة أخرى من الأصواف..وتباع بالمتر.

 وكنا نذهب لتفصيل البنطلونات عند خياطين هنود وهم  بارعون في مهنتهم ولا يتعدى سعر التفصيل 25-30 شلنا .

 

لباس المرأة العدنية :

لباس واسع يتميز بالزخارف والنقوش ويتكون من قماش الويل وهو سادة ويلبس داخل المنزل أما الثوب الخاص  بالأعراس والمناسبات فهو من قماش الجرجيت الطبيعي ويطرز بخيوط ذهبية أو فضية كما تلبس المرأة العدنية الدرع خارج البيت مع ارتداء رداء قطني تحته وتلبس فوقه العباءة (شيدر) السوداء أو البالطو كما توجد أنواع أخرى مثل الكبانة المذيل والطاس والدمس وغيرها !!!

 

عدن كانت سوقا حرة  معفية وارداتها من الرسوم إلا  البعض منها تفرض  عليها رسوما رمزية وتتوفر في عدن معظم السلع ومن جميع أنحاء العالم ..السيارة المرسيدس الألماني بسعر 25 ألف شلن ،والسيارات الأوبل بسعر أقل وكانت تستخدم "تاكسي " الساعة الرولكس السويسرية المذهبة ب 1200 شلن ،والراديوهات والمسجلات الفليبس الهولندية.تسعر 300 شلن !!.والكاميرات كوداك بـ400 شلن ..

وينزل عشرات الآلاف من السياح في طريقهم إلى استراليا والى أوربا عبر ميناء عدن ويتسوقون كل البضائع لرخصها إلى جانب الصناعات المحلية والمشغولات اليدوية من محلات التواهي الراقية .   

كما يوجد في محلات عدن المعاوز اللحجية المصنوعة من خيوط الحرير الياباني ولها عدة مصانع والمفرد "معوز" والجمع "معاوز" ويعد " السعيدوني" أفخمها وأغلاها سعرا ويعد من أفخر الملبوسات الرجالية ولها ألوان جميلة جدا وتمتاز لحج بتلك المعاوز وتحتكرها وتتفوق بصناعتها .وقد كانت المعاوز ملبوسات الأمراء والسلاطين والشيوخ والوجهاء والموسرين

 كما تباع في تلك الأسواق العمائم أبو نجمة والدساميل الحريرية الطويلة التي كان يلبسها مهراجات الهند في حيدر أباد، ويلبسها في تلك الأيام السلاطين والأمراء والشيوخ.

 

أما الفوط فحدث ولا حرج تبدأ بالفوط الشعبية الشهيرة المستوردة من الهند 80*80 وسعرها 14 شلن في تلك الأيام، وكذلك فوط أبو تفاح، ومولانا، وفوط السمرندا الحريرية الغالية التي تصنع في اندونيسيا ،

ويمتاز أهل عدن بالأناقة في لباسهم ونظافتهم وهم قوم ظرفاء لديهم حس مرهف مع ذوق راق، كما يمتازون بالذكاء وخفة الظل والعلم والثقافة  وسرعة البديهة ولا يجاريهم أحد في سرعة النكتة  ولهجتهم لطيفة ظريفة، ويقول عن ذلك الشاعر العدني: مسرور مبروك:

عاشق زري ابن حافتنا * * يلبس ثيابه ويتعطر

ماشي معه في الكمر عانه!!

وكتب الأديب والشاعر لطفي جعفر أمان عن ذلك فقال:

طفران ولا بيسه * * وبيتي في الخيسه

لا ايركنديشن   *   * إلا حمى النيسه

البحر قدامي   * * خايف من الحيسه

 

السيارات في عدن:

كانت شوارع عدن تموج بالبشر من كل الأعراق والأجناس والألوان..فيهم الهنود والصومال والفرس والانجليز واليهود والعرب .. تبدأ الحياة فيها من الصباح الباكر حتى ما بعد منتصف الليل.. حركة تجارية مزدهرة.. ومحلات عامرة بشتى أنواع السلع وشوارعها مزدحمة بالسيارات ومنها: المرسيدس – فيات – اوبل – فولكس فاجن الخ، وأهل عدن يمتازون بالمرح وحسن المعشر.. يحترمون الغريب وقلوبهم مفتوحة لجميع البشر من كل الأديان والأعراق..!!

*- يتبع

*- بقلم د علوي عمر بن فريد