شحنات الأسلحة المهربة

2021-05-11 04:29

 

كنت مع صديق فلسطيني في حديث عام فتطرق الى شحنة الاسلحة والتي تمت مصادرتها من قبل قطع الاسطول الامريكي في عرض البحر وقيل ان وجهتها كانت اليمن . سالني ما رايك في هذا الامر؟ فالاسلحة وان بدت معروضة بشكل سينمائي، إلا انها لا تكفِ حتى لتسليح كثيبة ! واضاف بلادكم مخزن اسلحة رهيب وسواحلكم مشرعة المساحات لمن يَهْرُب ويُهرِّبْ  فعبر البحار يصل السفراء والخبراء والاحباش والصومال بل والمخدرات والمتفجرات !.

 

اجبته ان هذه كما يقولون في لهجتنا - جرادة من طرف مجريد - وفسرت له المثل فاليمن تستقبل اسلحة وتكدسها وهي مثل مغارة علاء الدين لا يعرف اسرارها وعمقها الا العفاريت  .

 

وعلق  صاحبي فقال دول التحالف  تتسلح باحدث الطائرات الحربية في العالم  ومروحيات الاباتشي  وصواريخ سلك ورم  وطائرات مسيرة بل وفرقاطات ، ومع هذا ينشغلون بحمولة مهربة  ينقلها مركب شراعي ساقه حظة العاثر الى فك البحرية الامريكية . واضاف ان ذلك لا يستحق كل هذه الضجة .

 

اجبته بالموافقة وان  مثل هذه الاسلحة للعلم تصل وتتواصل وما هذه الا تهريبة عابرة لا تشكل اي اثر على ما يختزنه اليمن من اسلحة ، فلو قرر - أنصار الله - شراء اسلحة من القبائل لجمعوا من السلاح ما يكفي لتسليح جيوش كاملة بما فيها الالغام المحرمة دوليا .

 

وعودة الى الحرب فدول التحالف ليس لديها من الاسباب في اطالة امد هذه الحرب الوحشية  والتي تسببت لهم بالكثير من المربكات والحرج والإنشغالات.

 

الجميع  يعرف ويتذكر  ان الاتحاد السوفيتي ترك - أفغانستان - عندما شعر بان الحرب ليست في صالحه، كما ان امريكا انسحبت من حرب مريرة وهي حرب - فيتنام -بعد ان عاشت اهوال تلك الحرب المهلكة ، بل ان امريكا اليوم تنسحب دون اي انتصار في إفغانستان - وكأنك يا بو زيد ما غزيت -

 

ومن غرائب الانسحاب من إفغانستان ان امريكا تتعاون مع - طالبان - في عملية تأمين الانسحابات من القواعد وحراستها  ! نعم حراستها وهذا مثل ان تحضر فرقة الذئاب لتحرس حظيرة  اغنامك . على ان طالبان اليوم اقوى منما كانت عليه قبل الاحتلال الامريكي لإفغانستان وتقدر الخسائر التي تكبدتها امريكا والحلفاء ب الفي مليار وهي تكفي لتعمير الكرة الارضية  .

 

وعن الحرب في اليمن ، يقال ان -العقدة- التي كسرت المنشار في المباحثات ووقف اطلاق النار هي الشروط ! ومن يرغب بالبحث عن السلام يحاور الخصم ولو كلفه ذلك بعض التعب او الملامات ويقراء النفسيات ، ويتنازل عن الشروط فالسلام تنازلات بل تنازلات مؤلمة  ولكنها في الاخير مثمرة وجديرة بالتضحية .

 

وحرب  اليمن وبعد مرور ست سنوات فمن العجيب ان لا يتحاور فيها الفرقاء بل يأتون - بغراب البين - من الاف الكيلومترات  . ليحل لهم مشاكلهم ويعمل على نقل الرسائل بين الخصوم ، ونحن اقرب الي اليمن بل على تماس معه ! فهل فكرت دول مجلس التعاون في اختيار مندوب لها الى اليمن لبحث فرص السلام ! ام ان هذا تخصص امريكي واوروبي؟ .

 

وعن المبادرة التي اطلعت على بعض تفاصيلها لوقف اطلاق النار فلم يتم جس امكانية قبولها او رفضها ، ولقد رُفضت لانها اشترطت،  ومن شروطها السماح  فقط لرحلات جوية - محدودة - عبر مطار صنعاء والسماح  بشحنات سفن محدودة  لترسو في الحديدة  ، وهذه املاءآت وشروط قاسية وهي اقسى من الحرب بل ومذلة ، ولا توضع هذه الشروط الا بين منتصر ومهزوم .

 

لقد عرف عن - انصار الله - عدم اكتراثهم بالضحايا والويلات وتوسع المقابر التي تغطي اليوم مساحات في صنعاء وذمار وصعدة  على انهم يغدقون ترتيب وصف وتشجير الاضرحة ويضعون الصور الملونة وكانهم هنا يفتخرون بهذا الإنجاز  .

 

وقود - الأنصار -  في هذه الحرب هو التحريض- الذكي -ونقدر ان نسميها حرب- عقائدية - على ان اليمنيين  ايضا تعبوا من الفقر والبطالة والهوان والجوع   والتشرد ، فآثروا اشغال انفسهم بالقتال - وما يقتل الا من كمل يومه - ولا غرابة في هذا الاقبال على المشاركة في المعارك ففي الجبهة تجد الماء والكدم وملابس وسلاح وراتب يتسلمه والد المقاتل بل ورصاص يبيع منها المقاتل  ليشتري - بزمة  قات -وربما  يملك المقاتل هاتف جوال نوع - نوكيا - يستخدمه المقاتل لارسال مغازلاته لخطيبته التي ربما ستلقاه في الجنة .

 

اليوم تحولت الحرب الى السهوب  والصحاري وهذه  جديدة على المتحاربين ومن المؤلم ان صحراء مأرب وسهوبها مكشوفة ومع هذا زجوا انصار الله بالجنود والقبائل الى هذه المهلكة،  ولديهم تصميم مخيف على تحقيق النصر في مأرب وسيواصلون الحرب  فلهم فيها مآرب أخرى .

 

على ان سلام الشجعان لا يصنعه وسيط دولي ولا رئيس دولة كبرى ، بل الفرقاء انفسهم ، وعلى الفرقاء ابتكار الطرق في التحدث لبعضهم مباشرة فهنا نستلهم الحقيقة ونتصارح بكل شفافية واريحية .

لتتذكر المملكة العربية السعودية انها انساقت او دفعت الى هذه الحرب مع بعض التوقعات او التاكيدات ، بان تنتهي خلال اشهر واليوم طوت الحرب سنواتها العجاف الست ، ودون اي انتصار حاسم  وقاصم .

هذه الحرب مكلفة وربما كلفتها تزيد من حيث الاموال والعتاد اكثر من حرب فيتنام . ومن الوعي والحصافة والحكمة  ان على دول التحالف ان لا تطيل هذه الحرب ، فتجد نفسها اخيرا بدون تحالف!  فمؤشرات بقاء كل الدول ضمن التحالف الدولي يشبه مؤشر التحالف ضد - طالبان - فقد قررت دول كثيرة الانسحاب من هذه - المصيدة  الافغانية- علما ان روسيا الاتحادية  تكيد وتنتقم اليوم لنفسها في افغانستان ، بدعم خفي لقوات طالبان. الحروب اليوم خاطفة وسريعة ومباغتة وان طالت فعليك ان تبتكر الحلول - وما قصر حبل بيد فتى -

 

فاروق المفلحي