إيران بين النفوذ السياسي والإقتصادي

2022-08-23 08:54

 

حينما تنشأ اي دولة وتتعاظم قوتها العسكرية فلا تفكر الا في التمدد والتوسع تحت ذريعة (الإعمار) او الاستعمار.

 

ومن الدول التي لها تاريخ في السيطرة على الدول الضعيفة تحت مسمى (الاعمار) ها هي بريطانيا التي مكنتها قوتها البحرية من السيطرة على نصف العالم تقريبا بينما لاتزيد مساحتها عن اليمن الشمالي.

 

وهناك دولة حديثة سيطرت بنفوذها وضمها مناطق شاسعة الى اراضيها تحت مبرر ان (ان القدر شاء ذلك) هذه الدولة هي امريكا ! بل واشترت مناطق من روسيا ومن اسبانيا وفرنسا في قارة امريكا ، ولم تكتف بذلك بل ضمت كل دولة المكسيك ولولا خشية الثورة ضدها لابقت على كل بلاد المكسيك ضمن سيادتها، لكنها استقطعت اهم مناطق المكسيك ومنها جنوب امريكا وعلى راسها ولاية كليفورنيا التي تعد قلب الصناعة في امريكا .

 

نعود الى العنوان ايهما اسهل للدول وافعل ان صح القول  ، هل هو النفوذ السياسي او النفوذ الاقتصادي ؟ وهذا الامر يمكن ان تحققه ايران دون طائرات مسيرة وصواريخ عابرة، فالنفوذ السياسي مؤقت بينما النفوذ الاقتصادي مستدام .

 

طبعا هناك من سيسأل كيف ياتي النفوذ الاقتصادي او التجاري دون نفوذ سياسي ؟ والحقيقة فان الامثلة كثيرة ، فالدولة التي تختلف معها امريكا في كل تفاصيل سياستها هي الصين العظمى ! وهي جديرة بهذا الاسم لانها اليوم تتحكم في صناعة كل المنتحات ، بما فيه اشباه الموصلات والروبوتات والاجهزة الذكية وتشمل صناعات الصين الصناعات الدوائية والغذائية والسياحة. ومنتجات الصين اليوم تهيمن على روسيا وامريكا وافريقيا واسيا في تزويدها بكل المنتجات بما فيها الغذائية وكل اجهزة الحواسيب بل والروبوتات .

اذن هناك نفوذ اقتصادي دون اي نفوذ سياسي ، بل ان هذا النفوذ الصيني لا يكلف الصين  الاعداء او خسارة في الارواح كما تتكلف ايران بل وتركيا في دعمها العسكري والدفاع عن الحلفاء بارسال الخبراء والمتطوعين من ايران وافغانستان بل ودول عربية   الى الدول الحليفة .

 

والنصل الساطع للنفوذ الاقتصادي هو اليابان فليس لها اي نفوذ سياسي وكذلك المانيا، والتي تعتبر اهم منتج للصناعات الفضائية والسيارات بل وتسبق العالم في الثورة الخضراء في انتاج الهايدروجين  والواح الطاقة الشمسية بل وطواحين الهواء العملاقة ، وتعتبر المانيا مهد الصناعات العالية الكلفة والشديدة الذكاء والتعقيد ، كل هذا بدون جيش او سلاح طيران او قنابل ذرية او صواريخ عابرة .

 

لقد تقاربت المسافات وزاد الوعي الانساني فصار لزاما على الدول التي يهمها النفوذ ان تتحول من النفوذ السياسي الى النفوذ الاقتصادي ، وهذا هو الحل حتى بالنسبة  لاسرائيل التي قبل العرب بتواجدها ولكنها تابى ان تستفيد في الاعتراف بدولة فلسطينية وتزدهر اقتصاديا في تجارتها ومنتجاتها الجيدة  وسيوفر لها سوقا عظيمة في العالم العربي فهي  لا زالت مقصية من مساحة ١٣ مليون كيلو متر وهي مساحة العالم العربي اضف  عليها مساحة افريقيا والعالم الاسلامي .

 

ان القوة والنفوذ  المستدام هي القدرات التسويقية للمنتج  واهمها اليوم المنتج الذكي من اشباه الموصلات   بل ان التحول من الوقود  الاحفوري الى اعتناق البديل المستدام اي طاقة الشمس والرياح وموج البحار وحرارة الارض ، سوف تحول بعض الدول الى دول ثرية .

 

مثال على ذلك فان ( تايوان ) تعتبر الدولك الاولى في العالم في انتاج اشباه الموصلات والشرائح الذكية ، وانتجت تايوان ما قيمته ١٥٠ مليار دولار من اشباه الموصلات او الشرائح الذكية .

 

عندما تقود  سيارتك انتاج ٢.٢٢ م سوف تجدها مفعمة بكل مصادر الذكاء من تشغيل الاضواء  اتوماتيكيا عند حلول الظلام الى ايقاف السيارة بدون تدخل السائق عندما يقترب من سيارة امامه، بل ان السيارة صارت تنصح السائق  اذا زادت الاخطاء في السياقه ،  الى ان يرتاح بل وقد تتدخل السيارة بوقف الحركة في المحرك عندما تتنبه  اشباه الموصلات الذكية ان السائق قد اخذته غفوة النوم .

 

هذه الصناعة هي التي سوف تشكل الصناعة الاولى في العالم  وهي دون مواد تذكر بل بافكار  مع بعض السليكون والبلاستيك والرصاص . اليوم ترى هاتفك وقد تحول الى حاسوب وتلفزيون وكمبيوتر  ومسجل واذا بعت ما تم تركيبه من مواد في هاتفك ال كي فلن تزيد قيمتها عن عشرة دولار ، لكن ما به من شرائح ذكية يصعد بسعره الى الف دولار .

 

لتتحول الدول الى النفوذ الاقتصادي فليس في بيع السلع من يعاديك او من يتهمك بالتدخل او السطوة.