طوفان الاقصى

2023-10-11 06:52

 

لم تكن ربما الاستخبارات الأسرائيلية ( الموساد )على علم دقيق بعملية - طوفان الاقصى/ ، التي اندلعت في  ٧ اكتوبر ،والتي افقدت الجيش الاسرائيلي توازنه بل واصابته بحالة من الذهول والفجأة واذخنته بالجراح الاليمة .

 

وعن هذه العملية الجريئة الشديدة التكتم والتنظيم بل ودقة الاصابة وجرأة المقاتلين فهي تعيد رسم خريطة المعارك العسكرية

وتشكل علامة فارقة في تاريخ الحروب والصراعات في المنطقة  .

 

نعم جميعنا يحب السلام والعيش والتعايش مع الجميع ، لان الخصومة حالة ذهنية مشوشة وتحيل الحياة الى توجسات وقلق وريبة  ، إلا ان الفلسطينيين لم يكن بوسعهم الصبر على صلف القوة الاسرائلية التي ادمنت القتل والعدوان والتوسع الدائم ، في بناء المستوطنات - وثالث الاثافي - ضمها لاقدس المقدسات الاسلامية اي القدس الشريف  .

 

ولو نظرنا وتمعنا في وضع دول العالم فهو اما صامت واما مؤيد لاسرائيل على ان صوت الحق وصوت ترسيخ السلام المستدام خافت وغائب ، فمنذ ان تاسست اسرائيل  قبل ٧٠ عاما زادت مساحاتها وتوسعت في دول عربية محيطة من مصر الى الاردن والى لبنان بل واستولت على اعلى القمم في سوريا -جبل الشيخ -بما في ذلك هضبة الجولان وبعض مناطق القنيطرة   .

 

اليوم ربما الحديث عن التعايش اصبح مسموعاً عالمياً  ، واليهود  كشعب وليس كحكومات ، فالشعب في اسرائيل تعب حقيقة من تنمر حكوماتهم اليمينية المتطرفة ، علما ان رجال الدين اليهود هم تربية الصهيونية، والحكومات اليمينية  تستعين بهم في تشكيل الحكومات وفي اقناع الرأي العام الاسرائيلي باهمية التوسع بما في ذلك استعادة الهيكل الذي يدعون انه في طيات الارض التي شيد العرب عليها بيت المقدس .

 

وعن العملية العسكرية ( الكميكازية ) فقد اثخنت اسرائيل بالجراح ، فلم تتوقع اسرائيل ان تغامر غزة بهذه العملية وتجيد تدريب المقاتلين الشباب الذين يخيفون الموت ولا يخافونه .

ولقد ادهشوا شباب غزه  العالم في انهم اجادوا استخدام الباراشوتات الطائرة والمسيرات فضلا عن الشجاعة الاسطورية في المواجهات والتي لا سابقة لها في الحروب الحديثة  .

نعم سوف تقصف - غزة -وسوف يستشهدون ويشردون الكثير ، ولكن هناك حالة من - توازن الرعب - وهذا يحدث لاول مرة في تاريخ الحروب مع اسرائيل .

 

وتستطيع اسرائيل ان تستخدم القنابل الفراغية والقذائف المخصبة باليورانيوم وتستطيع ان تستخدم اذا ارادت قنابل عنقودية بل وحتى الاسلحة النووية التي تملك منها مأتي راس نووي واسرائيل قادرة على افناء ملايين ولكنها ستفنى ، فكل بطش يقابله بطش وكل تنمر يقابله نمور شجعان يحبون الموت كم بحب الصهاينة الحياة .

 

وحقيقة الامر فان العملية ستعيد رسم التعاملات مع الفلسطينيين فقد اصبحوا الرقم الصعب في اي معادلة وتسوية ، على ان مطالب الشعب الفلسطيني واقعية ومتواضعة ومنطقية ، وتشمل وقف التوسع الاستيطاني ووقف الاستفزازات واطلاق الاسرى وعودة القدس الشريف والارض ، وقبول اعلان الدولة الفلسطينية ،مقابل ذلك قبول الفلسطينيون والعرب الاعتراف باسرائيل وهذه كانت امنية - بن جريون - واسحاق  رابين وشامير بل و موشي ديان . والحقيقة فان هناك نفاق دولي واستخفاف بمشاعر وحقوق الفلسطينيين وتنكر مستدام وعدم رغبة حقيقية للسلام ، فلقد اجهزت اسرائيل على اقوى حزب سلام في اسرائيل  وهو حزب - السلام الان- وبعد ان كان وفي غضون عامين قد كسب الشارع وسير مظاهرات مليونية تناشد بالسلام الا ان اسرائيل اجهزت عليه في المهد .

 

ومع ان الدول العربية كانت سخية وكريمة وطيبة مع اسرائيل مقابل طلبات العرب  المستحقه وهو التعايش ووقف الحروب ، الا ان اسرائيل عينها على الاستيطان والتوسعات وقمع الشعب الفلسطيني بل ومصادرة تاريخه ومقدساته وهذا دونه خرط القتاد .

هل اصابت اسرائيل الصعقة ؟ نعم فهي مصعوقة ولن تفيق من صعقتها الا اذا عادت الى اعلان رغبتها الحقيقية في تدشين عملية السلام المستدام .

 

صحيح ان الجيش الاسرائيلي يستطيع ان يحتل اي دولة عربية او يهدم اي مدينة عربية على سكانها، ولكن هناك ضريبة عظيمة ومؤلمة سوف تتكبدها اسرائيل فنحن اليوم في عصر المقذوفات الطائرة وفي زمن الباراشوتات المحلقة وفي استخدام - اخطر سلاح -وهو المسيرات . وسترى - تل ابيب - وهي من اجمل المدن ستراها قد خلت من سكانها واصبحت مدينة اشباح .

والعتب بل الغبن المرير ان الدول الغربية وعلى راسها امريكا وبريطانيا ، انهم يستطيعون خدمة اسرائيل وليس بارسال حاملات الطائرات -جرالدفورد - لطمأنتها ، بل بارسال مندوبا عنهم ، واقناع اسرائيل باهمية السلام بعد اكثر من ٧٠ سنة من المناوشات والحروب والتوسعات الاستيطانية التي اعجزت جوجل عن فهم حدود اسرائيل  .